تناولت الصحف الاسرائيلية امس العملية الانتحارية التي نفذها احد عناصر "الجهاد الاسلامي" في بئر السبع. فرأى الصحافي عاموس هرئيل في "هآرتس" ان العملية دليل على "نفاد صبر المنظمات الارهابية"، اما شالوم يروشالمي في "معاريف" فكتب "ان الارهاب الفلسطيني سيقوي اليمين المتشدد ويأتي في التوقيت الملائم لبنيامين نتانياهو". لكن داني روبنشتاين في "هآرتس" اعتبر ان العملية تضر بالفلسطينيين، وتحدث عن مخاوف فلسطينية من انهيار الوحدة الفلسطينية وتقسيم الاراضي كانتونات. وننقل اهم ما جاء في المقال: "يتناقض الهجوم الذي وقع امس في بئر السبع مع التصريحات المتكررة والمختلفة للناطقين الفلسطينيين بوجوب المحافظة على وقف اطلاق النار. فلا احد يريد ان يفسد الاحتفالات التي يجري التحضير لها بمناسبة تحرير غزة والتحضير للانتخابات البرلمانية الفلسطينية التي ينتظر ان تجري بعد خمسة اشهر.

التوقعات الفلسطينية للتطورات القريبة في غزة تذهب بعيداً جداً. فقد تحدثت الإشاعات التي انتشرت بين الصحافيين الفلسطينيين نهاية الاسبوع الماضي عن ان ر ئيس المخابرات المصري عمر سليمان الذي جاء اليوم الى غزة سيبحث امكان قيام الرئيس المصري حسني مبارك بزيارة الى القطاع عندما يجري اعلان الاستقلال الفلسطيني... هذه الإشاعات تدل على الاجواء في الشارع الفلسطيني قبيل انتهاء الانسحاب الاسرائيلي من غزة. وحتى انصار "حماس" في غزة يدركون انه في الظروف الحالية يجب تقليل الحديث عن انتفاضة ضد اسرائيل، كما يجب تجنب الكلام على انتفاضة ضد المسؤولين الفلسطينيين في حال لم يقلعوا عن الفساد.

يتخوف الفلسطينيون منذ سنين من انهيار الوحدة الفلسطينية من خلال تقسيمهم كانتونات معزولة، وهذا التخوف ليس بلا اساس، ومن اسباب النكبة الفلسطينية عام 1948 غياب التضامن الوطني الواسع مع عرب اسرائيل. فتمسك هؤلاء ببيوتهم وبأرضهم ادى في نهاية الامر الى موافقة غالبيتهم على التحول مواطنين في الدولة اليهودية، واليوم هناك اكثر من مليون عربي اسرائيلي ليسوا شركاء في المشروع الوطني الفلسطيني. ثمة من يعتقد ان مساراً مشابهاً بدأ يظهر لدى سكان القدس الشرقية. ففي تقدير وزارة الدفاع هناك ربع مليون عربي في القدس لا يرغبون في خسارة امتيازات الهوية الاسرائيلية... ومن وجهة النظر الفلسطينية بدا المشروع الاسرائيلي الواقعي يأخذ الآن صورته النهائية مع بدء البناء اليهودي الذي سيربط بين القدس ومعاليه ادوميم، وبذلك سيكتمل تقسيم الضفة جيبين: يهودا والسامرة من دون صلة بينهما. في المستقبل سيوزع الاربعة ملايين ونصف المليون فلسطيني على اربعة كيانات منفصلة: الضفة الغربية تقسم بين رام الله ونابلس والخليل، وستخضع لحكم ذاتي ضعيف مع ارهاب عصابات محلية... الكيان الثاني في غزة مع استقلال فلسطيني ومؤسسات حكم. الثالث عرب القدس، والرابع سكان اسرائيل".

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)