قبل عقدين من الزمن كان مصطلح "الاختراق الثقافي" ينتشر في الخطاب السياسي والإعلامي، لكن مع فشل اليونيسكو في إيجاد نظام عالمي إعلامي جديد، ومع انهيار التجارب الوطنية داخل العالم الثالث لم يعد مسألة الاختراق شأنا أساسيا، طالما ان الانهيار انهى مفهوم الاحتراق، وأصبح النموذج الثقافي للعولمة هو السائد والأكثر حضورا.

لكن السؤال هل استمر الاختراق؟ وهل انهارت الحواجز امام الثقافة الوافدة !! وفق النموذج الإعلامي فإن هذا الأمر يبدو حاصلا، وذلك عبر شكل من القيم الاستهلاكية على أقل تقدير، ولكن "الأسرة" بقيت القيمة الأقوى في الثقافة الاجتماعية. والمسألة الأساسية أن هيكلية "الأسرة" التي تشظت لكنها حافظت على تكوينها القيمي.

مفهوم "الأسرة" كما هو سائد لا يعتمد على أي شكل للأسرة في المجتمع ما بعد الصناعي، فليس هناك حقوق وواجبات داخل الأسرة، أو ضوابط داخلية تحكم علاقة أفرادها، بل هي قائمة على مبدأ "الرعاية" .. فـ"كلم راع .." وهي الخزان الذي يحفظ قيم المجتمع الأبوي عبر الزمن.

وإذا كانت الأسرة كبينة اجتماعية اساسية استمرت في كافة أرجاء العالم، لكنها في نفس الوقت كيفت واقعها ووظائفها مع طبائع الدولة الحديثة وقيم الحداثة.. بينما الأسرة في مجتمعنا ماتزال تختزن التراث الأساسي لها، وتحتفظ بوظيفتها التلقينية.

"الاختراق الثقافي" كان عاجزا عن الدخول إلى قلعة المجتمع التراثي .. ولهذا الأمر مداليله الأساسية. ولكن هذا العجز لا يضر من قريب أو بعيد المصالح الدولية في المنطقة، لأن التحول الثقافي ليس مهمتها، فمن المهم السيطرة على الإدراك وليس السلوك ... فما الذي نقرؤه من هذا الموضوع ؟؟؟!