اتهامات لبلير وبوش... ودعوة المسلمين للاقتداء بالنموذج الأيرلندي

ركزت الصحف البريطانية اهتمامها خلال الأسبوع المنصرم على التداعيات المستمرة للأعمال الإرهابية التي وقعت في لندن في السابع من يوليو الماضي، وكذلك على موضوع التوتر القائم بين الغرب و إيران بسبب برنامجها النووي.

"بوش هو التهديد الحقيقي"

في مقاله المنشور بصفحات الرأي بصحيفة الجارديان أمس الأربعاء 31 أغسطس تحت هذا العنوان، تناول "توني بين" الزعيم العمالي المخضرم موضوع التهديدات الأميركية الموجهة إلى إيران، والتي كان آخرها قول الرئيس بوش في خطاب له منذ أيام إنه لم يستبعد تماما فكرة الهجوم على إيران إذا لم تتخل عن برنامجها النووي. والكاتب يحذر من مغبة الإقدام على عمل كهذا وذلك بسبب النتائج الكارثية التي ستترتب عليه والتي يصفها بعض العلماء المختصين بأنها ستكون مثل الآثار الناجمة عن "قنبلة هيروشيما صغيرة". ويقول الكاتب إن بوش الذي يهدد بضرب إيران لمخالفتها معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية يتناسى أن بنود تلك المعاهدة ومثلما تنص على عدم جواز قيام دولة غير الدول الحائزة لتلك الأسلحة بالفعل بالسعي لتصنيع أسلحة نووية، إلا أنها تنص كذلك على ضرورة التزام الدول النووية القائمة بالفعل بالامتناع عن زيادة ترسانتها النووية، وهو ما لم يفعله الأميركان الذين يواصلون العمل في تطوير برامج نووية. ويقول الكاتب ساخرا في نهاية مقاله إن ما يخشاه أيضا هو أن يقوم رئيس الوزراء البريطاني - إذا ما قام بوش بالفعل بضرب المنشآت النووية الإيرانية- بإعلان تأييده للعملية الأميركية العسكرية مستخدما نفس الحجة التي استخدمها من قبل لتبرير الغزو الأميركي للعراق وهي حجة القضاء على خطر أسلحة الدمار الشامل والتي لم تعد تقنع أحدا.

"المسلمون والنموذج الأيرلندي"

الكاتبة "روزماري بيهان" نشرت مقالا بصحيفة الديلي تلغراف الصادرة أمس الأربعاء 31 أغسطس، تطرقت فيه إلى أوضاع المسلمين في بريطانيا. وأشارت الكاتبة في بداية مقالها إلى أنها هي نفسها تنتمي إلى عائلة فقيرة مهاجرة من أيرلندا وأن عائلتها قد واجهت صعوبات جمة في البداية كما كانت تتعرض أحيانا لنوع من التمييز ولكن ذلك لم يجعل تلك العائلة تنظر إلي نفسها أبدا على أنها نصف إنجليزية– نصف أيرلندية، أو أنها عائلة بريطانية من أصل أيرلندي - حسب الصياغات المستخدمة هذه الأيام- وإنما كعائلة بريطانية بكل معنى الكلمة. وهي تدعو المسلمين في بريطانيا إلى الاقتداء بعائلتها.. وتقول إن المسلمين لابد أن يبذلوا جهدا أكبر للاندماج في المجتمع البريطاني، وإن عليهم أيضا أن يتخلوا عن الحياة فيما تصفه بـ"الجيتوهات المغلقة" التي يعيشون فيها ليس لظروف اقتصادية كما قد يتبادر إلى الذهن وإنما لأسباب تتعلق بالثقافة والعادات والتقاليد والعقيدة. والكاتبة تدعو المؤسسات وأجهزة الحكومة البريطانية إلى التعامل بمزيد من التسامح مع المهاجرين، وتحذر من تحويل الأحداث التي وقعت في بريطانيا في يوليو الماضي إلى ذريعة لاتخاذ إجراءات قد تزيد من عزلة المسلمين وتؤدي إلى إقصائهم وتهمشيهم ودفعهم لارتكاب أعمال عنف ضد المجتمع.

"الأنباء الحقيقية من العراق":

هكذا عنونت "صنداي تلغراف" افتتاحيتها المنشورة في الثامن والعشرين من أغسطس، والتي وجهت فيها نقدا لاذعا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بسبب الطريقة التي تنقل بها أخبار ما يدور في العراق. وسخرت الصحيفة من الـ"بي. بي. سي" وقالت إن من يسمع نشراتها الإخبارية وخاصة المتعلقة منها بتطورات صياغة واعتماد الدستور العراقي، يظن أن هذا الدستور لن يوقع أبدا، وأن هناك حرباً أهلية واقعة لا محالة بين السنة والشيعة والأكراد. وترى الصحيفة أن هناك حراكا كبيرا قد حدث في الساحة السياسية العراقية، بعد عقود من الطغيان والقمع تحت حكم الديكتاتور صدام حسين، وإن الخلافات في وجهات النظر بشأن صياغة الدستور أو التمهل أكثر من اللازم في صياغته يجب ألا تزعج أحداً لأن الدستور الأميركي ذاته احتاج من الأميركيين إلي ثلاثة عشر عاما كاملا حتى تمت الموافقة عليه. كما قال الرئيس بوش نفسه في معرض إجابته على سؤال وجه إليه منذ أيام عن أسباب التأخر في إصدار مسودة الدستور العراقي. وأنهت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن هناك العديد من الظواهر الإيجابية في العراق الذي بدأ ينفض عن نفسه غبار الطغيان والاستبداد ويسير على طريق الديمقراطية.

بلير والصلة بين حرب العراق والإرهاب في بريطانيا

كتب "مارتين برايت" محرر الشؤون الداخلية في الجارديان هذا الموضوع مشيراً في بدايته إلى أن كبار مسؤولي وزارة الخارجية البريطانية قد أخبروا مكتب رئيس الوزراء البريطاني بأن الحرب في العراق تساهم في تأجيج غضب المسلمين الأصوليين في بريطانيا، قبل عام كامل من وقوع عمليات التفجير التي تمت في لندن في السابع من يوليو. وأشار المحرر إلى أنه على الرغم من ذلك فإن (10 دوانينج ستريت) كذب بشكل متكرر كافة التقارير الصحفية التي كانت تلمح إلى أن تلك الحرب قد جعلت من بريطانيا هدفاً للإرهابيين في محاولة لدفع المسؤولية عن بلير. وكشف المحرر أن هناك رسالة بهذا الشأن قد وجهت من مايكل جاي وكيل وزارة الخارجية البريطانية إلى وزير شؤون مجلس الوزراء، وأن هذه الرسالة تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن رئاسة الوزراء البريطانية قد أحيطت علما بأن المشاركة في حرب العراق قد جعلت من بريطانيا هدفاً محتملا للإرهابيين، ولكن مكتب رئيس الوزراء انشغل بتكذيب ما جاء في الرسالة ولم يلتفت إلى مضمونها الخطير، ولم يعمل بالتالي على اتخاذ الإجراءات الوقائية ضد مثل هذه الأعمال المحتملة.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)