لا أذكر هل كنت في العراق زمن الرشيد ... أم أنني أتثاقل وسط الدخان و "الفوضى البناءة" العارمة .. لأن اختلاطات الزمن عند الأنثى حالة عادية، وهي اكتمال للزمن الذكوري وليس انفصالا عنه .. فزمن هارون الرشيد ليس حدثا عابرا لأنه امتداد ماضوي ومعبرا مستقبلي ...

ربما أحمل على كتفي صغيري، وبين يدي فضاء لمنزل في الجنة، وتتناثر من شفتي التعاويذ، لكن الموت يتربص دائما بالأنثى ... يشكلها في لحظات الألم داخل الجنس، ويعانقها في الولادة، ويسلط على وجهها في رؤية الطلاق .. ويتربصها على "جسر الأئمة" في "التدافع" الذي يقتل الإناث والأطفال قبل الذكور .. لماذا؟ لأن "القضاء" ذكر و "الموت" ذكر، بينما العبادة أنثى، وهذه ليست مقاربة لغوية فقط، فالقسوة رغم أنها لغويا "أنثى" لكنها تعيدنا إلى كل ما تقتضيه الذكورة، بينما الاستكانة في العبادة هي أشبه بامرأة في محراب الرجل.

وتعود الاختلاطات .. ما الفرق بين زمن الرشيد و ... الطالباني .. ألم يكن العراق منذ الفتح الإسلامي مجالا للصراع بين الأخشيديين والعباسيين والقرامطة والسلاجقة و ... ربما لا يعيد التاريخ نفسه، لكن التراث قادر على زجنا في متاهات الماضي، وربما يضع لما العمائم في زمن "الفوضى البناءة"، ويكتب للأنثى مصيرها في عهد كوندليزا رايس ...

عندما تتهاوى الأجساد في النهر تنعدم المسافات والأزمنة، وتتقلص حدود التاريخ لأن من قتل موسى الكاظم كان يرسم الرمز، ومن يوزع الموت المجاني على أطفال وإناث العراق يريد صياغة الرمز من جديد .. لكنه ليس رمزا دينيا .. أو حتى مساحات لجدل فقهي أو تكفيري ... بل أيضا جدل للأنوثة التي تكرر التراث والتاريخ.

كانت الأنثى ... وربما ما تزال حريصة على التراث ... على تلقين الأجيال صراعات "الكنة" و "الحماة" وتناقضات الرجل وأساليب الغواية للزوج و ..... هذا الزمن مستمر اليوم رغم أنه تكسر .. لكنه باق ... وعندما تتهاوى الأجساد من على جسر الأئمة يعود الزمن للوراء ليس بالنسبة للإناث، بل ذكور مصرين رغم الموت على الاحتفاظ بزمن الحريم.