بعد مضي ما يقارب الشهرين ونيّف على اختتام المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث, وبعد أن هدأت عاصفة المقالات والدراسات التي تناولت المؤتمر ونتائجه. والذي لا أخال مؤتمراً آخر لأي حزبٍ - ربما في الدنيا – نال قسطاً من الاهتمام كما حصل مع هذا الحزب, ولما كنت ولا أزال على خلاف مع الكثير من أحزاب المعارضة حول نتائج المؤتمر وما تمخّض عنه من توصيات, فقد كنت ممن ارتاحوا لنتائجه. وحيث أنه لم يحدث شيء يبلّ الريق ويستحق الذكر خلال مرحلة ما بعد المؤتمر, فإنني أودّ طرح مجموعة من الاقتراحات للحكومة, تتطلب المصلحة الوطنية التنفيذ الفوري لها. والتي لا تسبب حرجاً للدولة, ولا نزيفاً في مواردها المالية, ولا عبوساً أو تكشيراً أو شماتةً بي من قبل المعارضة. فضلاً عن أنها ستسهم في تبديد حالة الإحباط التي بدأت معالمها بالتشكل والتبلور في نفوسنا جميعاً. كما أراها على الأقل. وفيما يلي أهم هذه الاقتراحات:

-إصدار مرسوم عفو عام عن جميع المعتقلين السياسيين. واستطراداً تقييد حالة الطوارئ بما يكفل حقوق الإنسان. فنرتاح بذلك من نقّ و لتّ وعجن المنتقدين والمغرضين.

-المباشرة فوراً بشنّ حملة وطنية كبرى على مستوى البلاد لمحاربة أساطين الفساد وإصلاح شؤون العباد. وتشكيل لجان في كل محافظة تضم أشخاصاً مشهوداً لهم بنظافة الكف والأمعاء. تعمل بالتعاون مع ذوي الضمائر الحية والتي لم تحتضر بعد - بالرغم من طوفان الإفساد الذي يجتاح ربوع البلاد - على إعداد ملفات لمن أثروا على حساب لقمة الشعب. وذلك من أجل تقديمهم للمحاكمة وزجّهم في بيوت خالاتهم كما تقتضي الأصول.

- تخصيص برنامج تلفزيوني بعنوان ( سبحان مغيّر الأحوال) يرصد مسيرة المسؤولين قبل وبعد امتطائهم صهوات مناصبهم. كيف كانوا وماذا أصبحوا؟ وذلك من خلال صورهم القديمة وتلك الجديدة, ومن خلال التحرّي عنهم في أحيائهم وقراهم سابقاً وحالياً. وإجراء مقابلات مع معارفهم توضح ماذا كانوا يملكون وماذا هم عليه الآن؟

-كما أقترح تغيير عنوان البرنامج التلفزيوني (الشرطة في خدمة الشعب) بعنوان (المخابرات في رصد الفاسدين والفاسدات) يتضمن القيام بريبورتاجات واستطلاعات ... يتم من خلالها الكشف عن جرائم النهب الكبرى التي ارتكبها المسؤولون من مرتبة رئيس وزارة فما دون.. وما هي الثغرات القانونية والإدارية التي اغتنموها حتى استطاعوا تكديس ثرواتهم الفلكية؟ وكم تبلغ قيمتها؟ وما هي أوجه إنفاقها؟ وطبعاً مع مصادرة أموالهم المنقولة والثابتة. وأقترح أن يتكون البرنامج هذا من فقرتين على غرار برنامج (السالب والموجب) الطيب الذكر. فيتم في الفقرة الثانية التعريف بخيرة أبناء هذا الوطن الذين أفنوا أعمارهم في خدمته, ويتمتعون بالسمعة العطرة والنزاهة والكفاءة وما إلى ذلك.. وتقديم العطاءات المجزية لهم (شقة, سيارة, رحلة ترفيهية, وسام شرف...) تقديراً لهم على تفانيهم وإخلاصهم.

-زيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة من خلال تنفيذ البنود السابقة.

-تقديم مشاريع قوانين تتناول مستقبل البلاد ( قانون أحزاب وانتخاب, قانون لمكافحة البطالة والعنوسة, تعديل الدستور...) وطرحها للنقاش العام.

-المبادرة فوراً لمصالحة ومراضاة أخوتنا المواطنين السوريين الأكراد، من خلال حلّ مشكلة المحرومين من الجنسية من جرّاء الإحصاء الاستثنائي عام 1962 .

-وحيث أننا في عصر إجراء المفاضلات فيما يخص التعليم الجامعي, أقترح إلغاء سياسة التمييز بين الطلاب (شبيبي وغير شبيبي) والكفّ عن منح الدرجات الاستثنائية للشبيبيين. وتقديم الاعتذار عن السنوات الماضية لغير الشبيبيين.

-إعادة منح التراخيص لصحيفتي (الدومري) و ( المبكي) وغيرها من الصحف التي شملها الحظر.

-إلغاء سياسة التعتيم الجائرة المتمثلة في حجب المواقع الإلكترونية.

-....

وأعتقد أن التلكؤ بتنفيذ هذه المطاليب الإسعافية, لن يكسبنا إلا مزيداً من التشاؤم واليأس والإحباط. لذلك أدعو الحكومة إلى البدء فوراً بتنفيذ ما اقترحناه دونما إبطاء. وإلا وقسما عظماً بالمنتقم الجبار, سأبرّئ ساحة ما كان يسمى بالحرس القديم. وسأصدّق كل كلمة نطقت بها أحزاب المعارضة, من أن أزمة النظام بنيوية ولا علاقة لها بحرس أنتيكا أو حرس مودِيرن...
وقد أعذر من أنذر...