هذا التطبيع المتسارع مع إسرائيل سيضعف المفاوض الفلسطيني، وسيجعل إسرائيل تتردد ألف مرة قبل الانسحاب من بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة.

خلال أسبوع واحد انفرطت حبات المسبحة، فباكستان المتشددة تجاه إسرائيل، والتي كانت تزايد على العرب وعلى الفلسطينيين في التشدد، تعلن التطبيع مع إسرائيل، والرئيس التونسي يدعو ارييل شارون لحضور مؤتمر في تونس، وهناك أنباء يبدو أنها مؤكدة لزيارة الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، والرئيس حسني مبارك إلى تل أبيب، وكلنا يعرف الدلالات الكبرى لرفض الرئيس المصري، وملك الأردن، زيارة إسرائيل قبل انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة.

هناك من يقول إن التطبيع مع إسرائيل سيساعد على الضغط لانسحابها، فتحسن العلاقات بين العواصم العربية وإسرائيل سيدفع إسرائيل إلى الثقة والاطمئنان، وهذا ما يساعدها على الانسحاب. لكن هناك رأيا آخر ربما يكون أكثر وجاهة وقربا للواقع وهو أن التطبيع العربي المتسارع والانفرادي سيجعل إسرائيل في موقع التشدد، فهي كسبت الأرض التي احتلتها وكسبت الاعتراف العربي من دون مقابل.

الانسحاب الإسرائيلي من غزه خطوة كبيرة ومهمة، ولكنه انسحاب توفرت له شروط ضغط غير موجودة في الضفة الغربية، وخاصة حين نتذكر أن غزة أصبحت كالجمرة في يد إسرائيل، وأن عدد المستوطنين فيها قليل ووضعهم الأمني خطر، في حين أن الوضع مختلف في الضفة الغربية، وهناك مشروع معلن لربط أكبر المستوطنات الإسرائيلية بمدينة القدس، وفرض الأمر الواقع ثم الانسحاب من مناطق محدودة وليست ذات قيمة.

التدافع باتجاه التطبيع سيجعل مبادرة السلام العربية التي تربط الاعتراف بالانسحاب الإسرائيلي ضعيفة، وإذا شعر الإسرائيليون أن العرب يطبعون معها، دولة بعد أخرى ، فإنها ستتنصل من كل الالتزامات، وما سيحدث بعد ذلك لن يكون انسحابا إسرائيليا من الأراضي المحتلة، بل انسحابا عربيا باتجاه إسرائيل من خلال شيك اسرائيلي بدون رصيد..!

مصادر
الشرق الأوسط (المملكة المتحدة)