يخطئ من يظن ان سوريا أصبحت محاصرة إقليميا ودوليا‚ وأنها فقدت الكثير من أوراقها الهامة والفاعلة والمؤثرة في تطورات الأحداث ومجريات الصراع‚ عقب انسحابها من لبنان ووصول التحقيق الدولي في جريمة اغتيال رفيق الحريري إلى ما وصل إليه الآن من توجيه اتهامات مباشرة إلى قادة الأجهزة الأمنية السابقين في لبنان!

ولكن الذي حدث هو ان هناك اطرافا لبنانية ودولية بعينها تسعى إلى جعل سوريا هي المتهمة‚ وان تدفع الثمن لوحدها‚ بالرغم من ان هؤلاء يدركون الحقيقة القائلة ان سوريا لا علاقة لها بالجريمة‚ لانها كانت المتضرر الأول من وقوعها‚‚! ويبدو حجم الخسارة السياسية والمعنوية والمادية التي لحقت بسوريا من جراء اغتيال رفيق الحريري هو العنوان البارز لتطبيق هذا السيناريو الدولي الذي يقوده أو يشرف عليه رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس!

ولكن الواقع هو عكس ذلك تماما‚ إذ ان المراقب المحايد والموضوعي‚ يكتشف بسهولة أن بيد سوريا الكثير من الأوراق الاقليمية والدولية الهامة التي تستطيع استخدامها ـ في الوقت المناسب ـ ليس فقط للدفاع عن نفسها وشعبها‚ بل لقلب الطاولة فوق رؤوس المتآمرين عليها‚ سواء كانوا أطرافا إقليمية أو دولية أو لبنانية‚ ويفترض عدم الاستهانة بقدرة سوريا على احداث تغييرات دراماتيكية في أوضاع المنطقة‚ لان دمشق تجسد الآن إرادة أمة بكاملها‚ وليس معقولا ان تنهزم هذه الإرادة وهي مدعومة بحقائق التاريخ والجغرافيا‚ والذين يراهنون على مثل هذه الهزيمة‚ عليهم ان يراجعوا حساباتهم‚ وان يدركوا بدقة وموضوعية ان سوريا ستخرج بأقل الخسائر من هذه المواجهة‚ وستكون قادرة في الخطوة التالية على تغيير معالم الصورة السياسية‚ لا بل احداث انقلاب جذري في المشهد الراهن‚ والأيام القادمة ستكشف عن «مفاجآت».

مصادر
الوطن (قطر)