بعد تأجيل زيارته مرتين بطلب منه، يصل اليوم الى دمشق ديتليف ميليس رئيس اللجنة الدولية المكلفة التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وسط أجواء من الترقب لما ستسفر عنه اللقاءات المتعددة للمحقق الالماني مع "شهود سوريين" والتي ستتم عبر "زيارات متكررة" كما أوضح مصدر مطلع لـ"النهار".

زيارة ميليس اليوم سبقها بيوم واحد حسب مصادر إعلامية فريق عمله التقني، وتترافق مع تكتم شديد من المسؤولين السوريين، باستثناء تفاصيل مقتضبة وحذرة من بعض المسؤولين في وزارة الخارجية.

وفي اتصال هاتفي أجرته "النهار" عشية الزيارة بمصدر سوري مطلع قال "سيكون اللقاء الأول للسيد ميليس مع الخبير القانوني في وزارة الخارجية رياض الداوودي ليتم التنسيق فيما بينهما على التفاصيل الاجرائية" رافضا التأكيد إذا كان ميليس سيلتقي وزير الخارجية فاروق الشرع أو نائبه وليد المعلم أو الرئيس بشار الأسد خلال الزيارة الأولى. وقال "هذا كله سيبحث مع الداوودي".

لكن المصدر عاد وأكد أن "دمشق ستتعاون وستبذل كل ما في وسعها لانجاح مهمة ميليس في دمشق خلافا لكل ما يشاع وما تحاول أوساط معينة ترويجه".

وعمّا إذا كان ميليس سيبقى في دمشق اليوم أم أنه سيغادر عائداً الى بيروت أوضح المصدر: "المرة الماضية حيث كانت الزيارة مقررة في العاشر من الشهر الجاري كان قراره وجدول أعماله أن يزور دمشق ويغادرها في اليوم نفسه، أما في شأن زيارة اليوم فما زال القرار عائداً له ولجدول أعماله وأجندته الخاصة".

ورفض أن يعطي أي تفاصيل تتعلق بأماكن استجواب الشهود، وما إذا كانت ستتم في مبنى وزارة الخارجية أم مكاتب تابعة للامم المتحدة في دمشق قائلا "هذا أيضا سيتم بحثه مع الدكتور الداوودي".

بدورها رفضت مصادر تعمل في أحد مكاتب الامم المتحدة في دمشق تأكيد ما إذا كانت اللقاءات مع الشهود السوريين ستتم في هذه المكاتب. رغم ان تقارير صحافية سابقة أكدت ذلك نقلا عن مصادر سورية.

وفي هذا الصدد كان مصدر مطلع قال لـ"النهار" إن "دمشق مستعدة للتعاون لانجاح مهمة ميليس بحيث لا يتعارض ذلك مع السيادة" الأمر الذي دفع الى بروز احتمال ان تجري اللقاءات في مكاتب تابعة للأمم المتحدة حيث أن وزارة الخارجية وبقية الوزارات لها صفة سيادية.

وتكتسب مهمة ميليس "السورية" أهمية استثنائية لكونها المحطة الأخيرة قبل ظهور النتائج النهائية التي ستكشف من كان وراء قرار اغتيال الحريري ومن قام بتنفيذ الجريمة.

وكانت دمشق أكدت أكثر من مرة أن لا علاقة لها بالجريمة وهي أول الخاسرين من تغييب الحريري وهي مستعدة للتعاون مع ميليس ، كذلك أعلن الرئيس بشار الأسد في تصريحات الى مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن ميليس يستطيع لقاء أي مواطن سوري في إطار مهمته.

ويعول المسؤولون السوريون كثيرا على نزاهة المحقق الالماني ومهنيته وفي الوقت نفسه عبروا عن الخوف من "التسييس".

وأمس كتب رئيس تحريرصحيفة "الثورة" الحكومية فائز الصائغ: "اليوم إذ نرحّب بالقاضي ديتليف ميليس ونعمل معه على إنجاز مهمته، والوصول إلى الحقيقة كاملة، ونعني بها الحقيقة الكبرى التي كان اغتيال الرئيس الحريري فصلاً من فصولها، فلأننا على ثقة تامّة بأنّ الاتهامات المسيّسة التي وُجّهت إلى سوريا على خلفيّة موقفها الوطني والقومي ستتبدّد وستُثبت الأدلة الجنائية والقضائية والتقنية أن لاعلاقة لا لسوريا ولا لأيّ سوري بالجريمة النكراء، أما الأدلة السياسية إذا ماسيّس ميليس الجريمة فلها موقف آخر ورأي آخر ورؤية أخرى، فالثقة بالقاضي والقضاء لا حدود لها، أما القضاء السياسي فلا رادّ ولا رادع له في ظل قوى الهيمنة والسيطرة الكونية الراهنة”.

وقال "ومع أن المتابعين لهذا الشأن الدولي والعديد من المعلّقين السياسيين والإعلاميين داخل المنطقة وخارجها يتخوّفون من تسييس مهمّة ميليس ودفعها إلى اتجاهات أخرى لتحقيق أغراض سياسيّة تمسّ في جوهرها ونتائجها أمن المنطقة وتهدّد مستقبلها، إلا أنّنا نؤمن بقدر كبير من الموضوعية التي أرادتها هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ."

ورأى أن سوريا منذ اغتيال الرئيس الحريري وحتى اليوم " لم تدخل مهاترة ولا انخرطت في ردود الفعل، رغم الحملة الهستيرية الإعلامية وغير الإعلامية التي تعرّضت لها".

وختم أن ميليس "سيكتشف إذا ما جاء برّاً على الأغلب أنّ المسافة بين بيروت ودمشق هي أقصر بكثير من المسافة التي تفصل بون عن برلين، بل هي أقصر من أيّة مسافة بين أيّة مدينة ألمانية وأخرى، وهذا في حد ذاته دليل قاطع على أن سوريا هي الأحرص حتّى من الأمم المتحدة نفسها على أمن البلد الشقيق واستقراره الذي يؤذينا ما يؤذيه ويُقلقنا ما يقلقه".

مصادر
النهار (لبنان)