الحشود الفلسطينية التي ستحتفل، وهي ستحتفل من دون أدنى شك في ذلك، ستوفر لمعارضي استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين الذرائع التي يحتاجونها تماماً. ذلك أنه من الواضح للجميع أنه حتى لو تعهدت السلطة الفلسطينية بذلك فإنها لن تتمكن من الحفاظ على مباني الكنس أمام النهب والخراب.

سيقولون "مع هؤلاء تريدون التفاوض؟ الى يد هؤلاء الأشخاص تريدون نقل الصلاحية؟ كيف سيديرون دولة إذا كانوا لايستطيعون المحافظة على بضعة مباني مهجورة؟"، هذا ما سيقوله معارضو استئناف المسيرة السياسية وسيضيفون الكلمة المحببة عليهم عند تطرقهم الى السلطة الفلسطينية ـ فوضى. فبالنسبة لهم، طالما لم تنجح السلطة الفلسطينية في بسط سلطة القانون على أراضيها فيمكن إرجاء فكرة الدولة الفلسطينية. لكن لا يتعيّن معارضة تدمير الكنس لأسباب مازوخية فقط. بل ثمة أيضاً أسباب أكثر عملية أي سياسية.
رواد معارضة تدمير الكنس هم الوزراء "المعذبون"، أي، أولئك الذين أيدوا فك الارتباط لكنهم سعوا طيلة الوقت للاشارة والتوضيح ان هذا التأييد سبب لهم عذابات كثيرة. هؤلاء هم الوزراء الذين يشعرون أنها فرصتهم للتكفير عن تأييدهم لخطة فك الارتباط. فهم يشعرون أنهم لو صوتوا ضد تدمير الكنس، فسيكون في وسعهم إصلاح ولو بالقدر اليسير الضرر الانتخابي الذي لحق بهم جراء تأييدهم خطة فك الارتباط لرئيس الحكومة، جهراً أو كتماناً. وبهذه الطريقة، حسبما يفكرون، يمكنهم أن يظهروا مجدداً كم أنهم "يهود" والى أي مدى يهمهم التراث، الأخلاق وبيوت الصلاة، لكن لم يكن لهم أي مشكلة مع طرد 7000 شخص، وتدمير بيوتهم، أما تفجير كنس مهجورة؟ هذا أكثر من اللازم.

الادعاء اليهودي الظاهري ضد الهدم يقوده وزير الخارجية سيلفان شالوم، الذي قال نهاية الأسبوع "يهودي لا يهدم كنيساً". مع تجاوز حقيقة كون الأمر يتعلق بمحاكاة غير ناجحة لذاك الشعار المعروف، فإن هذه العبارة للوزير شالوم تجسد الخطأ الكبير لليهودية المتدينة. تلك اليهودية التي تسجد للقبور، للحاخامات "الآباء"، اليهودية التي تحول أشياء (كنس في هذه الحالة) الى أمور مقدسة ليست يهودية ـ إنها وثنية.

ففي اليهودية، خلافاً لأديان أخرى، فإن الكنس من دون التابوت المقدس، كتب التوراة ومن دون مصلين ليست سوى جدران، سقف وأرضية. فالله لا يسكن في الكنيس، وهو لا يأتي للزيارة أيضاً. فالكنيس مخصص كي يستخدم لصلاة بعض المصلين جماعة. هذه هي عظمة اليهودية وهذا هو جمالها. وفي اللحظة التي خرجت فيها الروح اليهودية من المبنى، لم يعد مقدساً. سيبقى مليئاً بالقصص والذكريات، لكن هذه الأمور تبقى للأزل في عقول سكان غوش قطيف وهي لن تهدم حتى وإن هدمت المباني.

مصادر
معاريف (الدولة العبرية)