إذا لم يصحُ وزراء الحكومة في جلسة هذا الصباح فيقرروا في اللحظة الأخيرة التمسك بقرارهم في 26 حزيران 2004 بهدم كل مباني الكنس في غوش قطيف قبل الخروج من غزة، فيحتمل جداً أن نشهد في الأيام القريبة القادمة الصور التي خشي منها الجميع.

يحتمل، مثلما قال اريه درعي، الذي أوصى بهدم الكنس على الفور، بأن المس بالكنس على أيدي الفلسطينيين إذا ما حصل، سيفتح حرباً دينية بين اليهود والمسلمين. سيناريو الرعب هذا كان يمكن منعه لو أن شاؤول موفاز بقي مخلصاً لموقفه الأصلي المدعوم من كل الجهات الأمنية والقاضي بأن على الجيش الاسرائيلي أن يهدم المباني فوراً. ويمكن فقط الأمل في ألا يكون وزير الدفاع يقرر رأيه في المسائل الأمنية والسياسية الأخرى حسب آراء الحاخامين، وأن يعرض في جلسة الحكومة تعليلات ذات صلة لتغيير رأيه، غير حقيقة أنه تلقى مكالمة هاتفية من الحاخامين عوفاديا يوسف وشالوم البشيف.

في أعقاب تغيير موقف وزير الدفاع، انهارت دفعة واحدة كل جبهة المؤيدين لهدم الكنس. وحتى الرئيس موشيه كتساف وجد من الصواب التدخل بعد أن توجه الحاخام عوفاديا يوسف اليه أيضاً. وحتى يوم الجمعة الماضي كان كل وزراء الحكومة متمسكين بالموقف الذي عرض في المحكمة العليا وتمكن مندوب الدولة من إقناع القضاة بأن المصلحة الأمنية والسياسية تستوجب الهدم الفوري. منذ صباح يوم الجمعة أعلن الوزراء سيلفان شالوم، داني نافيه، جدعون عيزرا، يسرائيل كاتس، ليمور لفنات وشمعون بيرس عن معارضتهم، وذلك بعد أن ساند قضاة المحكمة العليا استناداً الى أن الحكومة درست الموضوع بعناية ولهذا لم يجدوا من الصواب تغيير القرار. أما وزير الدفاع فخلط الأوراق حين غيّر رأيه أو حين قرر التنازل عنه، رغم أن الواقع الأمني لم يتغيّر.

قضية الكنس هي كل ما تبقى لمعارضي فك الارتباط التمسك به. وهم يستخدمون هذا الموضوع بطريقة فظة وخطيرة. وكانت هذه المحافل وزعت قبل عامين مادة إعلامية ظهرت فيها صور الكنس تحترق، ويخيل أنهم لن يأسفوا إذا ما تحقق السيناريو الذي تنبأوا به ليسموا الاخلاء برمته بخاتم الفشل.

رغم أن الحاخام الرئيس يونا متسغار صادق قبل أكثر من سنة على هدم الكنس، حتى قبل أن يتقرر هدم المنازل والمنتديات، فإن الحاخامية الرئيسة غيّرت هي الأخرى فجأة رأيها بضغط من حاخامي المستوطنات، بل إن حنان بورات التقى رئيس محكمة العدل العليا أهرون براك كي يسمعه رأيه.

مصير الكنس ليس الموضوع المطروح على جدول الأعمال، بل اعتبارات الحكومة، من الصعب الفهم كيف أن وزراء الحكومة يتملصون من مسؤوليتهم عما قد يحصل بعد لحظة من خروج الجيش الاسرائيلي وينقلون القرار السياسي والعسكري الى الحاخامين. من الصعب الفهم كيف أنهم يديرون ظهرهم للقرار الذي اتخذوه هم أنفسهم. يمكن فقط التحلي بالأمل بأنه في اللحظة الأخيرة مثلما في حالات سابقة، يعلم اريئيل شارون حكومته فصلاً آخر في السلوك القيادي والعقل السليم.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)