يصل ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الاسبق الي دمشق اليوم لاستكمال سلسلة تحقيقاته واللقاء مع مسؤولين كبار في الحكومة والاجهزة الامنية السورية.

القاضي الالماني ميليس يتصرف بحذر شديد ويرفض اعطاء اي معلومات حول طبيعة زيارته الي العاصمة السورية، بينما تتردد تكهنات في بيروت عن عزمه التحقيق مع قيادات سورية امنية كبيرة، كانت تمسك بالملف اللبناني اثناء تمركز القوات السورية في لبنان، من بينها اللواء رستم غزالة المسؤول الامني السوري المكلف بالشأن اللبناني قبل انسحاب القوات السورية، تطبيقا لقرار مجلس الامن الدولي رقم 1559.

وكالة الانباء السورية الرسمية قالت يوم امس ان سورية تتعاون وتقدم كل التسهيلات الممكنة لانجاح عمل اللجنة ورئيسها خاصة وانها معنية جدا بجلاء الحقيقة في جريمة اغتيال الحريري لان ذلك في مصلحتها .

والاستعداد السوري للتعاون خطوة جيدة، ولكن حدود هذا التعاون تظل موضع العديد من علامات الاستفهام. فالجانب السوري المح اكثر من مرة انه سيعارض اي طلب يتعارض مع السيادة السورية وأصولها.
الدكتور فايز صايغ رئيس تحرير صحيفة الثورة السورية كان اكثر وضوحا في القاء مزيد من الضوء علي هذه النقطة، عندما عبر في افتتاحية نشرت قبل يومين عن مخاوفه من تسييس مهمة ميليس، ودفعها الي اتجاهات اخري لتحقيق اهداف سياسية تمس في جوهرها امن المنطقة وتهدد استقرارها .

ويظل السؤال المطروح هو عن رد فعل الحكومة السورية اذا ما طلب ميليس التحقيق مع قياداتها الامنية الكبري، ليس كشهود وانما كمتهمين مثلما فعل مع نظرائهم اللبنانيين الذين ما زالوا رهن الاعتقال؟

ولو ذهبنا الي ما هو ابعد من ذلك، وسألنا عما اذا كانت الحكومة السورية ستتعاون مع طلب لرئيس لجنة التحقيق باستجواب هذه القيادات الامنية خارج سورية في بلد محايد مثل سويسرا مثلا؟
من الصعب الاجابة علي هذه الاسئلة، ولكن يظل من الجائز طرحها لان كل الاحتمالات واردة، والقاضي ميليس فاجأ الجميع عندما حوّل قادة الامن اللبنانيين الاربعة من شهود الي متهمين، وارسل قوات الامن اللبنانية لتفتيش منازلهم في غارة ليلية بالطريقة نفسها التي كانوا يداهمون فيها منازل من اختلفوا معهم سياسيا.

سورية تواجه مرحلة صعبة بكل المقاييس تبدأ بوضع القاضي ميليس رجله علي ارض مطار دمشق. واذا صحت الروايات حول هرب أحد رجال الامن السوريين الكبار الي السعودية ومنها الي الولايات المتحدة، مثلما افادت بعض النشرات الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، فاننا ربما نجد انفسنا امام لوكربي جديدة .

فالتعاون غير المشروط مع اي طلبات صعبة لميليس سيكون انتهاكا للسيادة، وتضحية بهيبة النظام، وربما تقويضه من الداخل، وعدم التعاون الكامل ربما يؤدي الي حصار وعقوبات اقتصادية.
سورية مستهدفة في كل الاحوال، ولكن ربما يكون بعض ابنائها يريد توريطها، وتقديم الاعذار لاعدائها للنيل منها في هذا الظرف الحرج، ليس لعدم تعاونها في جريمة اغتيال الحريري وانما لعدم تعاونها في القضاء علي المقاومة في العراق.

مصادر
القدس العربي (المملكة المتحدة)