اوردت التايمز في عددها الصادر السبت "تخمينات" حول اسباب الغاء الرئيس بشار الاسد زيارته لنيويورك ،حيث اضافت الى المخاوف من توجيه اتهام للرئيس الاسد فيما يتعلق بعميلة اغتيال الحريري سببا اخر لعزوف الرئيس عن السفر وهو " الخوف من حدوث انقلاب داخلي "،وكشفت التايمز بأن السوريين تمكنوا من فتح قناة خلفية للحوار مع الولايات المتحدة بواسطة إدوارد جرجيان، السفير الأمريكي السابق لكن هذه القناة لم تثمر عن الكثير من النتائج بعد بحسب التايمز. وأوردت الصحيفة بأن فريد الغادري يعمل " لتأسيس برلمان مؤقت في المنفى للبحث في القيام بانتقال هادئ من النظام البعثي"..

الجدير بالذكر ان الصحافة العربية والاجنبية مازلت تبدي اهتماما كبيرا بالشأن السوري وتورد الكثير من الاخبار والتحليلات التي تحمل رؤى متضاربة لا ترتقي الى مستوى المعلومة الاكيدة المبنية على حقائق اكيدة ، وضمن هذا الواقع تحرص سيريانيوز على نقل كل ما يرد في الصحافة الاجنبية عن سوريا حرصا من على اعطاء صورة حقيقية وكاملةعما يدور في دوائر السياسية من حولنا ليطلع عليها اصحاب الشأن والمهتمين.

النص الكامل للموضوع المنشور السبت في التايمز : تغيير النظام يتقدم ببطء نحو دمشق إذا كانت زوجة أنطوني ايدين قد شعرت بأن قناة السويس تخترق مرسمها، إذاً لا بد أن نغفر لزوجة الرئيس بشار الأسد إذا شكت من سيطرة قضية مقتل رفيق الحريري على جميع جوانب حياتها العائلية في دمشق. كانت تحضر نفسها لمرافقة زوجها إلى اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة هذا الأسبوع. كان أحد أهم أهداف هذه الرحلة هو "إظهار" أول زوج من البعثيين: التقاط الصور لهم وهم يمرحون مع أطفالهم الرائعين في الحديقة العامة، ارتياد المسارح وحضور استعراض شارلي روز، والتسوق من الفيفث أفينو. ولكن الرئيس الأسد وفي حركة مذهلة عكست مدى ضعف وانكشاف النظام ألغى الزيارة. فقد كان الأسد خائفاً من توجيه اتهام له، خلال وجوده في نيويورك، بعدم دعم عمليات التحقيق في جريمة مقتل الحريري التي قام بها ديتليف ميليس رئيس تحقيقات الأمم المتحدة. المحقق الألماني العنيد وجه اتهاماته إلى أربعة من مسؤولي الأمن اللبنانيين المؤيدين لسوريا، وهو الآن يقتفي أثر خيوط الجريمة التي تمتد إلى دمشق.

هناك سبب ثان لعدم رغبة الأسد بالذهاب في هذا الوقت وهو: الخوف من حدوث انقلاب. فبعض البعثيين القدامى غير مسرورين أبداً منه. فهو أولاً، أفرط في التدخل بشؤون لبنان وكٌشف تماماً، وبعدها تم إجباره على التكفير عن ذلك بإفراط وذلك من خلال الموافقة على السماح لمحققي الأمم المتحدة بدخول سوريا. حتى أن بعض أعلام النظام يخشون أن يؤدي إطلاق صاروخ كروز واحد على مركز شرطة الأمن إلى إسقاط النظام لأن هذا يثبت عدم قدرة هذا النظام على حماية السيادة السورية. ومن اجل تجنب حدوث شيء كهذا، يحاول البعثييون إطلاق مؤشرات تنشر الهدوء مثل: الإعلان للملأ عن اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن والمسلمين المتطرفين في حماه (وهي اللعبة القديمة التي كان البعثيون يلعبونها لإظهار أنفسهم أمام الغرب على أنهم البديل الوحيد للحكومة الدينية والحليف الصالح ضد إرهاب الأصوليين)، والإشارة إلى أنهم بعد الالتقاء مع ممثلين من حزب الله حثوا حسن نصر الله، زعيم حزب الله، على التلميح إلى احتمال التفكير في نزع أسلحة الحزب.

في الوقت نفسه، لعب البعثيون دور من هو ضحية للظروف: فعندما طالبت الولايات المتحدة النظام باتخاذ إجراءات تجاه عرّابي التمرد العراقي، زعم المتحدثون باسم النظام بأنهم لا يملكون الوسائل الضرورية للقيام بذلك إذا لم يحصلوا على العناوين اللازمة. ويقولون أيضاً بأنهم يحتاجون إلى معدات قتال ليلي متطورة لمنع الإرهابيين. من المؤكد أن السوريين سوف لن يحصلوا على مثل هذه التقنية. ليس هناك سفراء لأي من الدولتين في الدولة الأخرى، والمسؤولون البعثيون في سوريا معرضون للعقوبات بموجب قانون محاسبة سوريا. بسبب الضغوط الأمريكية امتنع الأتراك عن السماح للأسد بتمضية عطلتهم هناك، أما جاك شيراك الذي أخذ مقتل صديقه الحريري على محمل شخصي فهو ما يزال يتصرف، كما وصفه مسؤول رفيع المستوى، "كأنه الآمر الناهي في لبنان".

هذا الاختراق الفريد للتحصينات السورية هل يمكن أن يتم استغلاله؟ من المؤكد أن الأمريكيين يريدون "تغييراً في السلوك السوري"، ولن يحزنوا من أجل سقوط الأسد. كذلك فإن الأردنيين والسعوديين

لن يحزنوا كثيراً عليه: فهذه الأنظمة الملكية السنية تخشى من وجود كتلة شيعية متطرفة تمتد من إيران إلى العراق وعبرها إلى سوريا، الأمر الذي يمثل صراع الحضارات الحقيقي في الشرق الأوسط. لكن لو أن عائلة الأسد، استبدلت بشخص يمثل الغالبية السنية في سوريا فإن هؤلاء الملوك الموالين لأمريكا سوف يشعرون بأنهم أقل انكشافاً. لكن بعد الخبرة التي واجهت الأمريكيين في العراق فإنهم ليسوا مستعدين لإحداث تغيير في النظام بأنفسهم. يقول الأمريكيون أنهم لا يبحثون عن "غورباتشوف سوري" داخل النظام. تمكن السوريون من فتح قناة خلفية للحوار بواسطة إدوارد جرجيان، الدبلوماسي الأمريكي السابق الذي يرأس معهد بيكر في هيوستون ويعتبر مستشاراً لكارين هيوغز رئيسة الدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية، لكن هذه القناة لم تثمر عن الكثير من النتائج بعد. على العكس تبدو إدارة بوش وكأنها تتبع نهجاً وسطاً بين مذهب المحافظين الجدد وبين واقعية الموالين للعرب في وزارة الخارجية.

كما أنها حالياً تشعر أنها بحاجة لمعرفة المزيد حول البدائل المحتملة لنظام البعث: لهذا السبب فإن مايكل دوران مدير مجلس الأمن الوطني لشؤون الشرق الأدنى التقى مؤخراً مع فريد الغادري المعارض المعروف ورئيس حزب الإصلاح السوري. يخطط الغادري لتأسيس برلمان مؤقت في المنفى للبحث في القيام بانتقال هادئ من النظام البعثي، وهو متحمس لتجنب تكرار الأخطاء التي ارتكبت في العراق وعلى رأسها حشر الأقلية الحاكمة في الزاوية: فهو سوف يسمح للعلويين بالبقاء في القوات المسلحة إلى أن يتم وضع دستور ديمقراطي. ربما هناك أحداث ليس لها صلة بكل ما سبق ستحدد مصير سوريا. فواشنطن لم تستطع ولا حتى قبل إعصار كاترينا التركيز على سوريا لأنها كانت مقيدة جداً بالأحداث في العراق. واليوم مع توجيه الإدارة لكامل لانتباهها إلى نيو أورليانز فإن المرء لا يستطيع إلا أن يتذكر ملاحظات ليندون جونسون الشهيرة حول جيرالد فورد: "أنه لا يستطيع أن يمشي ويمضغ العلكة في آن واحد". إن أكثر البعثيين علمانية لا بد أن يحمد الله.

مصادر
التايمز (لندن)