اصبحت سوريا اليوم داخل "دوائر" الادارة الاميركية وفي أوساط مراكز الابحاث ومتعاطي الشأن العام من الأميركيين، ما كانه العراق بعد ارهاب 11 ايلول 2001 والحرب على افغانستان "الطالبان" التي اعقبته، وقبل شن الحرب عليه لاسقاط نظامه ورئيسه صدام حسين و"لالقاء القبض" على اسلحة الدمار الشامل التي كان يمتلك ويصنع والتي اظهرت الابحاث الدقيقة لاحقا عدم وجودها او عدم تجديد "ستوكاتها" بعد معالجة الامم المتحدة للقديم منها. ولا يعني ذلك ان هناك من يخطط الآن في واشنطن لشن حرب عسكرية على سوريا بشار الاسد، او للقيام بخطوات سلبية بل بالغة السلبية حيالها، علما ان شيئا من ذلك مباشرا او غير مباشر قد يحصل في المستقبل اذا استوجبت ذلك الظروف والتطورات في العراق بل في المنطقة كلها ومنها لبنان. بل يعني ان الادارة الاميركية التي قاربت الوصول الى اليأس من سوريا ونظامها وحكامها، والتي قطعت الاتصال السياسي معها سواء على المستويات العليا او الدنيا، تحاول وبجدية كبيرة عبر دوائرها المختصة بسوريا وبواسطة خبراء في اوضاعها وفي اوضاع الدول المحيطة بها وكذلك من خلال اصدقائها من الدول العربية، معرفة المزيد عن النظام في سوريا، وتفكيره، وطريقة عمله، والاسلوب الاكثر نجاعة للتعامل معه، محافظة في الوقت نفسه على مصالحها في المنطقة كما مصالح حلفائها. ويعني ذلك في الوقت نفسه ان قراراً اميركياً نهائيا في الموضوع السوري الصرف لم يتخذ بعد رغم وجود تيارات عدة متنوعة داخل الادارة وخارجها تحمل افكارا يشوبها بعض التناقض حيال هذا الامر.

ولعل افضل طريقة لشرح اين تقف اميركا من سوريا اليوم وما هو موقع سوريا من أميركا اليوم ايضا هي ايراد الاسئلة المتنوعة التي يطرحها عن سوريا كل المعنيين الاميركيين الرسميين وغير الرسميين والتي يحاولون الحصول على اجوبة عنها او التوصل الى اجوبة عنها. ابرز الاسئلة هو الآتي:1- في موضوع اتخاذ القرارات:

- ما مدى اهمية القرارات التي اتخذتها وتتخذها سوريا في الموضوعات المتعلقة بالسياسة الخارجية والامن؟

- هل ان الرئيس السوري (بشار الاسد) هو السلطة الاخيرة والوحيدة التي تتخذ قرارات بالغة الاهمية في قضايا او موضوعات ذات انعكاسات داخلية واقليمية ودولية كبيرة مثل السماح بعبور الارهابيين الى العراق لمقاتلة الجيش الاميركي وحلفائه والقوى العراقية، ومثل السماح بارسال الاسلحة الى المتمردين في العراق، ومثل الايعاز باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري او الايحاء بذلك او اعطاء الامر بذلك او التغاضي عن ذلك؟

 كيف تؤثر العلاقات العملانية (OPERATIONAL) والسياسية القائمة بين الرئيس بشار الاسد وعائلته والمسؤولين الكبار من الاجهزة الامنية في نظامه والوزراء المهمين والقادة البارزين في حزب البعث "الحاكم" على القضايا المهمة وخصوصا التي منها لها علاقة مباشرة او غير مباشرة بالسياسة الخارجية وبالامن الوطني؟

- هل هناك خطوات او تحركات يجري تحضيرها لتغيير الطريقة المعتمدة لاتخاذ القرارات في سوريا. واذا كانت موجودة ما هي؟

في موضوع ماذا يريد النظام السوري:

- اضافة الى البقاء والاستمرار (SURVIVAL) الذي هو اولوية، ما هي الاهداف الاساسية التي يعمل النظام السوري لتحقيقها في مجالات السياسة الخارجية والامن الوطني؟

- ماذا تريد سوريا من لبنان او فيه؟

- ماذا تريد حيال كل ما يتعلق بالموضوع العراقي؟

- ماذا تريد حيال ما يتعلق باسرائيل؟

- ماذا تريد من اميركا وحيال كل ما يتعلق بها؟

- ماذا تريد من العالم العربي كلا؟

في موضوع الطريقة الفضلى للتأثير على سلوك النظام السوري وتصرفاته:

- ما هي الاهداف السورية للولايات المتحدة. ووفق اي اولوية؟

- هل تتسبب الاهداف السورية لاميركا وتحديداً هل يتسبب تحقيقها باي تهديد لاستمرار النظام وبقائه. اذا كانت الحال كذلك اي اذا كان الجواب نعم ما هي الاهداف التي لا يمكن الا ان تتناقض مع مصالح النظام؟

- هل على الولايات المتحدة التشجيع على تغيير النظام القائم في سوريا؟ وكيف؟ وما هي المضاعفات والانعكاسات المحتملة للنجاح في تغييره على المصالح الاميركية؟

- هل على الولايات المتحدة ان تتبع او ان تستمر في اتباع سياسة استعمال كل "العصي" في التعامل مع النظام السوري من دون استعمال "الجزر او الجزرة"؟ وهل هناك "عصي" اكثر فاعلية وتأثيرا من التي استعملتها اميركا مع سوريا حتى الآن (لا يشمل ذلك استعمال العنف لتغيير النظام) يمكن اللجوء اليها للتأثير في النظام المذكور؟

- هل هناك "اغراءات" سياسية ايجابية الطابع يمكن ان تساعد النظام السوري على جعل سياسته وتصرفاته منسجمة مع الاهداف الاميركية؟ وهل تعتبر هذه الاغراءات نوعاً من المكافأة للتصرفات والسياسات السيئة الامر الذي يلغي الاثر الايجابي للاهداف المنجزة؟

- هل يستطيع الحلفاء والاصدقاء مساعدة الولايات المتحدة على تحقيق اهدافها (السورية)؟ من منهم؟ وكيف؟

طبعا، لن نجيب عن كل هذه الاسئلة لانها لا تزال موضع بحث ومناقشة مستفيضة. ولكن سنكتفي بعرض حصيلة موجزة للقاءات يمكن ان تلقي بعضا من الضوء على السياسة الاميركية حيال سوريا اليوم وربما "غدا".

مصادر
النهار (لبنان)