هواجس حول الانسحاب من غزة... والمسلمون "يستغلون" إسرائيل!

انتقادات الخارجية الأميركية لتل أبيب، وتوظيف المسلمين للدولة العبرية كمطية للتقرب من أميركا، ومخاطر الانسحاب من غزة على أمن الدولة العبرية، وسياسات بوش الرعناء في العالم... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة أسبوعية موجزة على الصحافة الإسرائيلية.

"محاسبة الفلسطينيين"

خصصت "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء لموضوع الانتقاد الذي وجهته وزارة الخارجية الأميركية إلى الحكومة الإسرائيلية على خلفية إبقائها للكُنس اليهودية في قطاع غزة، وهو ما عبرت عنه وزارة الخارجية الأميركية "بحصر السلطة الفلسطينية في وضع تتعرض فيه للانتقاد مهما فعلت". وتعترض الصحيفة على هذا الانتقاد الموجه من واشنطن على أنه وقع في غير محله. وتدفع الصحيفة التهمة الموجهة لإسرائيل بقولها إن الحكومة الإسرائيلية لم تكن لتنتقد الفلسطينيين فيما لو أبقوا على الكُنس واستفادوا من بناياتها، مشيرة إلى أن 38 سنة من احتلال غزة لا تبرر إحراق الكُنس، لأنه، حسب رأيها، يجب النظر إلى السبب الذي دفع إسرائيل بالاحتفاظ بقطاع غزة والمتمثل في "الإرهاب" الفلسطيني الذي عانت منه إسرائيل طويلاً. وسرعان ما تتقل الصحيفة إلى موقف هجومي تساوي فيه بين الإرهاب والجهاد معتبرة هذا الأخير متجذرا في الثقافة العربية والإسلامية. فهو حسب رأيها لم يتغير منذ أيام ابن خلدون، الذي عرف الجهاد، والعهدة على صحيفة "جيروزاليم بوست"، باعتباره "واجباً دينياً لإدخال الناس في الإسلام سواء بالإقناع أو الإكراه". لذا تعتقد الصحيفة أن على الأميركيين أن يحاسبوا الفلسطينيين على تصرفاتهم أولاً قبل إلقاء اللوم على إسرائيل.

"المسلمون يستغلون إسرائيل"

يتساءل الكاتب الإسرائيلي "غاي بيشور" في مقال نشرته "يديعوت أحرونوت" يوم السبت الماضي عن سبب التأخر في جني إسرائيل لثمار انسحابها من غزة. فعلى الرغم من الشروع في حوار مع باكستان، فإنه إلى الآن لا توجد علاقات قائمة بين تل أبيب وإسلام أباد، والشيء نفسه ينطبق على العاهل الأردني الملك عبدالله الذي لم يزر إسرائيل ولا مرة، أما الرئيس المصري حسني مبارك، فمازال متردداً. وتشير التقارير أنه غير مستعد في الوقت الراهن لزيارة تل أبيب. وحتى العلاقات القائمة مع بعض الدول كالمغرب وتونس وبعض الدول الخليجية لم تشهد أي تحسن. ويرى الكاتب أن تلك العلاقات المحدودة لا تخرج عن إطار استغلال الدول العربية لإسرائيل من أجل التقرب إلى أميركا، إذ تصبح إسرائيل بهذا المعنى جسراً لا مناص منه للعبور إلى البوابة الأميركية. ويضرب الكاتب مثالا بالرئيس المصري السابق أنور السادات الذي استغل علاقته مع إسرائيل للتقرب إلى الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي مازال مستمراً مع القادة العرب الحاليين الذين لا تهمهم إسرائيل بقدر ما تهمهم أميركا. غير أن الكاتب يعتقد أنه حان الوقت لوقف هذا الاستغلال من طرف واحد. والخطوة الأولى تبدأ بعدم الاكتفاء بالتقاط الصور والمصافحة مع القادة العرب في المناسبات، بل الإصرار على إخراج الاتفاقات إلى العلن وتوقيعها في تل أبيب بدل اللجوء إلى دول ثالثة.

"غزة: القاعدة الخلفية للإرهاب"

هكذا عنون "ديفيد بيدين" مقاله في صحيفة "إسرائيلي إنسايدر" يوم الاثنين الماضي مشيراً إلى أن الانسحاب من غزة لم يُخلّف إلا حالة من الغموض والشك، خصوصاً في ظل الفراغ الذي تركه الاحتلال. وليس مستبعداً في نظره أن تتحول غزة إلى مكان لإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية في الجنوب. بيد أن الكاتب لا يحصر تخوفه في الفصائل الإسلامية فقط، بل تمتد شكوكه إلى السلطة الفلسطينية نفسها التي مازالت في رأيه تؤمن بالمقاربة المرحلية في تدمير إسرائيل، لا سيما وأنها لم تسقط لحد الآن الميثاق الذي ينص على إزالة دولة إسرائيل عبر مراحل. لذا يعتبر أن الانسحاب من غزة يشكل بالنسبة للفلسطينيين المرحلة الأولى على طريق القضاء على الدولة العبرية. كما يشير الكاتب إلى أن أكثر من 70% من سكان غزة ليسوا من مواطنيها الأصليين، بل هم لاجئون نزحوا من داخل إسرائيل في 48 و67 ويعيشون حاليا في مخيمات للاجئين، وهو ما يشكل جيشاً احتياطياً ضد أمن وسلامة إسرائيل، خصوصا في ظل تغلغل الفصائل المسلحة في أوساطهم.

"بوش ومن بعده الطوفان"

"يُعتبر بوش بلاشك أحد أفظع الرؤساء الذين ابتليت بهم الولايات المتحدة في تاريخها"، هكذا استهل "يوسي سريد" مقاله في "هآرتس" يوم الاثنين الماضي، موجهاً انتقادات لاذعة لبوش وسياساته الرعناء. ويركز الكاتب في انتقاداته على الطبيعة "التبشيرية" لبوش وافتقاده لرؤية واضحة يقود بها بلاده. فبدلا من أن ينكبّ على معالجة قضايا العالم بواقعية، نراه لا يكف عن ترديد خرافاته من قبيل أنه "ولد من جديد بعد أن زاغ عن الطريق". ويورد الكاتب بعض الأمثلة على طريقة بوش في معالجة القضايا العالمية مثل رفضه التوقيع على معاهدة "كيوتو". ففي نظر بوش، إذا كان حل مشاكل العالم يتطلب تكاليف باهظة، فليذهب العالم إلى الجحيم. ويواصل الكاتب ضرب أمثلة على السياسات الأنانية لبوش، التي لا تعبر عن المصلحة العالمية المشتركة، بل تعبر فقط عن فكر ضيق يرى أن الحق دائماً بجانبه ما دام يتلقى إلهامه من السماء. فعلى الرغم مما أضحت تشكله الأسلحة النووية من خطر بالغ على الأمن والسلم العالميين، عرقل بوش في اجتماع عقد في الأمم المتحدة قبل ثلاث أشهر الوصول إلى اتفاق للحد من تلك الأسلحة، لأنه لم يكن مستعداً أن يقدم أية تنازل بهذا الشأن، ولو على سبيل إبداء حسن نيته للدول الأخرى. بيد أن تعنته لم يسهم سوى في تكريس الصورة السيئة لأميركا في أعين العالم والمتمثلة في الغطرسة وسياسة المعايير المزدوجة. وعلى الرغم من أن هدفه المعلن هو القضاء على الإرهاب، فإن هذه الظاهرة شهدت ارتفاعاً غير مسبوق في عهده. ولعل الإنجاز الوحيد الذي سيدون في سجل بوش هو حصوله على لقب "أسرع راعي بقر" في الغرب الأميركي بإصراره على شن حروب استباقية في العالم.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)