يفتتح الرئيس المنتخب يان الياسون (السويد) اليوم الثلاثاء الدورة الستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ويبدأ غداً الأربعاء الاجتماع على مستوى الرؤساء وقادة الدول وسط هشاشة المنظمة الدولية وكثير من أعضائها وبينها الولايات المتحدة وايران وسورية ولبنان، كل لأسباب مختلفة عن الآخر.

إعصار «كاترينا» الذي كشف هشاشة الدولة العظمى الوحيدة في العالم سيجعل الرئيس جورج دبليو بوش «أقل شموخاً»، في رأي كثير من الدول. لكن أحداً لا يتوقع من بوش أن يحني رأسه أمام الأسرة الدولية بسبب «كاترينا» وانما ان يخاطب الجمعية العامة غداً متحدثاً عن اصلاح الآخرين وليس عن اصلاح السياسات الأميركية.

«مفاوضات الساعة الحادية عشرة» حول الوثيقة الختامية للقمة العالمية بقيت متعثرة وسط فجوات في المواقف بات صعباً جداً تصوّر ردمها. البعض يلوم مواقف اميركية جاء بها السفير جون بولتون، وبعض آخر يلوم الدول النامية وبينها دول عربية مثل الجزائر ومصر. وهناك من يريد وصف الانهيار الوشيك للمفاوضات بأنه «معركة بين الغرب والجنوب».

انما هناك من لا يزال يأمل بالتوصل الى اتفاق في اللحظة الأخيرة لئلا تفشل القمة، حتى لو تطلب الأمر اعلان الاتفاق على «الأجزاء غير المختلف عليها» من الوثيقة مع تأجيل المفاوضات على «الأجزاء غير المتفق عليها» حتى الآن.

«الوثيقة» - كما باتت تعرف - ليست الخبر الوحيد المهم في القمة التي ترافق العيد الستين للمنظمة الدولية. الأمين العام كوفي انان قد يعاني أكثر من غيره اذا فشلت الوفود في الاتفاق على الوثيقة. وبالتالي، قد يزداد وضعه ضعفاً. فالأقاويل لا ترحم هذه الأيام، والاشاعات تزاحم بعضها في تزايد الكلام عن استقالة الامين العام حتى وهو يرفض كلام الاستقالة. البعض بدأ يتناول اسماء الذين قد يطلب اليهم تولي منصب الأمين العام «موقتاً» في مرحلة انتقالية. والاشاعات تشمل اسم الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون، مرة اخرى، خصوصاً أنه بات اليوم صديقاً لجورج بوش الأب ومنقذاً لجورج بوش الابن في بعض الحالات.

بيل كلينتون له حصته الكبرى من الوجود الضخم لرؤساء الدول في نيويورك اذ انه يستضيف يوم الخميس مؤتمراً خارج الأمم المتحدة له نكهة الالزام والالتزام سمي «مبادرة كلينتون العالمية» يركز على معالجة الفقر ويحضره عدد كبير من قادة الدول.

بين الشخصيات المثيرة للاهتمام التي تشارك في القمة العالمية الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي يرافق زيارته كلام العقوبات والتحديات وكذلك التظاهرات والاحتجاجات. انه احدى الشخصيات المثيرة للاهتمام الدولي البالغ لأسباب عدة بينها اصرار ايران على حقها بامتلاك القدرات النووية وتهديدها بعواقب اذا فرض مجلس الأمن عليها العقوبات. وهو الملف الذي سيكون حاضراً في كل اللقاءات الثنائية التي يعقدها جورج بوش مع الرؤساء وتلك التي تعقدها وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس مع نظرائها.

موضوع لبنان وسورية سيحتل مرتبة بالأهمية نفسها في اللقاءات الثنائية والجماعية على هامش القمة. الرئيس اميل لحود أثار الاهتمام قبل وصوله بسبب اصراره على المجيء، ونتيجة سحب بوش دعوة الى حفلة استقبال يقيمها ذهبت الى لحود خطأ، ثم ان حضور زعيم كتلة «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري ولقاءه بعدد من الرؤساء - مقارنة مع برنامج لحود الذي يضم قلة قليلة منها أحمدي نجاد - زاد الاندهاش بين الوفود لما يجري في الرئاسة اللبنانية. ويرافق لحود الى نيويورك الكثير من التكهنات والاشاعات وتهيئة التظاهرات التي ستبدأ مع مخاطبته الجمعية العامة يوم الجمعة المقبل وكذلك يرافقه فريق ضخم يجعل وفده من أكثر الوفود ضخامة في العدد.

وفد المملكة العربية السعودية الذي يترأسه ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز يلاقي نوعاً مختلفاً تماماً من الاهتمام الدولي في مجالات مختلفة بينها الاقليمي، وبينها أيضاً ملفات ساخنة تهتم بها المملكة مثل ايران وسورية ولبنان والعراق والملف الفلسطيني.

وفد العراق يكاد يتكون من كامل الحكومة الانتقالية العراقية برئاسة جلال طالباني ورئيس الوزراء ابراهيم الجعفري. أما الوفد الفلسطيني فإنه لن يكون برئاسة محمود عباس، كما كان البرنامج ينص اصلاً، لكن الموضوع الفلسطيني سيكون مهماً في اجتماعات على هامش الدورة مثل اجتماع اللجنة الرباعية على مستوى وزراء الخارجية.

بين الرؤساء الذين يحيط بهم الاهتمام والتساؤلات رئيس باكستان برويز مشرف الذي دخل حلبة تطبيع العلاقات مع اسرائيل وتعمد أن يتضمن برنامجه اجتماعاً مع القيادات اليهودية في نيويورك. ومع بروز اسم باكستان يبرز موضوع الحرب على الارهاب الذي سيكون حاضراً في الجمعية العامة وفي خطب الرؤساء.

اسرائيل ستحاول استخدام القمة في اعقاب الانسحاب من غزة بما يكسبها وجهاً غير وجه الاحتلال المعهود. وسيحاول رئيس الوزراء ارييل شارون الاجتماع بأكبر عدد من القادة العرب والمسلمين والأفارقة، والأرجح انه سيفلح.

مجلس الأمن سيزاحم الجمعية العامة على الشهرة وعلى محاربة الارهاب. وغداً الاربعاء ستطرح بريطانيا مشروع قرار يطالب جميع الدول «بتشريع قوانين» تمنع التحريض على الارهاب، وتحرم تأمين الملاذ أو الملجأ للأفراد الذين تحيط بهم شبهات ذات صدقية توفر «الأسباب الجدية لاعتبارهم مذنبين بارتكاب مثل هذه الأعمال»، كما تطالب بتقوية الأمن على الحدود الدولية بهدف منع الارهابيين من دخول أراضيها.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)