بالانتقال ما بين الوضع الخارجي والداخلي فإن سورية تبقى معلقة على حدود الإصلاح، فحتى السياسة الخارجية لا تنجو من تقارير ومقالات الإصلاح والمقارنة ما بين الأمس واليوم، وكأن التاريخ حالة من السكون. أو أن سورية هي لون أزلي لا يتبدل.

اليوم هو حالة الانتقال إلى الغد، وفي اللحظة الراهنة لا نملك إلا إمكانية الحركة، لذلك فإن مفاهيم الإصلاح ليست وضعية مقارنة .. فالنقد هو الذي يخضع للعقل المقارن. والإصلاح الذي بدأنا نسمع عنه منذ نهاية القرن الماضي يعني التحول المستمر ودون توقف. والإصلاح ليس تشكيلا ميكانيكيا فقط، فهو نتيجة توجه استراتيجي وحالة كلية علينا ان نقبل نتائجها مهما كانت. ولأننا لا نسعى لتقديم فلسفة للإصلاح، او الغوص في تحديد المصطلحات، فإننا سنحاول اعتماد فكرة واحدة هي أن الإصلاح ليس غاية، والغاية الأساسية هي الاندماج بشكل أكثر فاعلية داخل العصر.

وحتى هذه اللحظة فإن الإصلاح يسير دون التعبير عن استراتيجيه، باستثناء ما يقال أو ينشر حول الرغبة السورية بتحرير اقتصادها، لكن يبدو أن البنية التشريعية لم تزل تنتمي لمراحل سابقة. وعندما نتحدث عن بنية تشريعية، فإننا لا نقصد فقط القوانين الناظمة للاقتصاد السوري، بل الوضع التشريعي عموما. وهو شكل يجب أن يتلاءم مع الوضع الحركي للإصلاح. فالمستقبل لم يعد يحتمل أشكال ارتقاء عشوائية، أو الاعتماد على اجتهادات وتأويلات، ومن الطبيعي أن التشريع اليوم يجب أن يخضع لدراسات متكاملة تأخذ بعين الاعتبار تطوير الثقافة الاجتماعية، والوصول إلى استراتيجية إصلاح تشكل نقطة في الغد السوري.

هناك من يدعو إلى مؤتمر حوار أو إلى إلغاء صيغ دستورية وقوانين استثنائية، ولا شك أن مثل هذه الاجتهادات تطلب أكثر من التعامل معها على أساس المطالب، فهي أمور سترسم المستقبل، ولا يمكن تركها عند هذه الحدود. فالإطار التشريعي الذي يمكن أن ننظر إليه هو حالة علينا أن ندرسها ونفككها بشكل معمق، وأن نقرأ التجارب السابقة بشكل متكامل .. بعدها يمكننا أن نفهم أن التصور المستقبلي للإصلاح هو حالة تفاعل ما بين الثقافة الاجتماعية والرؤية الفكرية، وهو في النهاية سيولد من الإبداع الاجتماعي.

مصادر
سورية الغد (دمشق)