شخصيا لم يضع مصطلح "العزلة" أي شكل سياسي أمامي، ربما لأنني أعيش الذاكرة كباقي الإناث. وربما لأن "العزلة" ليست غريبة عن مساحات الحريم، ولا أعرف إذا كان الرئيس بوش يعرف "مساحة الحريم" قبل أن يعتبر أن سورية "باتت معزولة".

الحديث هنا لا يعبر إلى السياسة بل لما فجره هذا المصطلح في عمق ذاكرتي ... فالرئيس بوش مهتم بـ"فوضاه البناء" ... وأنا مهتمة "بهشيم عصر السبايا" لأنه حاضر أمامي مع كل نفس تتجرعه امرأة داخل الوطن الموسوم بالذكورة.

أنا مهتمة بهذه "العزلة" التي فرضناها على أنفسنا بعد خلق لنا الذكور جبهاتنا ومعاركنا ... الذكر، أو الرجل في المصطلح السائد، لم يكن يوما عدوا في معركتنا مع عزلتنا ... والرجل، أو الذكر بالمعنى البيلوجي، بقي الهدف البعيد الذي نتقاتل حوله ونشعر أننا نسلب أنفسنا الحق في اختيار العدو ... الأنثى عدوة الأنثى ... والمنافسة خارج إطار الذكورة، إنها المعركة التي قررناها يوم "عزلنا" أنفسنا في دائرة "الحريم".

لم يكن الرجل يوما عدوا، هذا على الأقل ضمن الثرثرة اليومية لحرملك القرن الجديد. بل كانت الأنثى التي تنافسنا على الرجل سواء كان ابنا أو زوجا أو حتى عشيقا ... والأنثى هي التي تقارعنا في حلبات الإثارة والجمال وقضية "إن كيدهن عظيم" ... والأنثى التي رسمت عزلتها في مساحة ضيقة من ذكورة المجتمع وضعت أفقها النهائي في وحدتها الداخلية أو صراعها مع إناث يتكدسون حولها.

"العزلة" التي طرحها الرئيس بوش أعرفها قبل أن تخلق السياسة .. أو حتى قبل أن يظهر مجتمع الحريم في خطاب "الذكور" المتربعين على مساحات الجسد أو الوطن أو حتى ... الله .. هي خيار وصراع وذكريات لكنها في النهاية خلاصة معركة "الإناث" ومنافسات "الإناث" .... وعجزنا ... أو عجز الذكور عن كسر "العزلة" الاجتماعية ...