قبل نصف قرن كان الحديث عن سورية ولبنان طبيعيا.. لم تكن الأحداث في تلك الفترة عادية، لكن أصحاب التيارات المؤمنة بترابط البلدين كانوا قادرين على البوح بها .. والعمل من اجلها. وقبل نصف قرن كانت الصحافة اللبنانية تبدو كلون مترابط مع غيرها من وسائل الإعلام السورية .. لم تكن الأزمة بين البلدين تظهر ذلك التشعب على الصعيد السياسي الشعبي، وحتى ولو كان الوضع الرسمي "خانقا".

ما الذي حدث بعد ذلك؟!! هذا هو السؤال الذي يجيب الجميع عنه .. سواء باتهام دمشق بالتدخل، او بعطف العلاقة على "ممارسات" مهما كانت جهتها. لكن السؤال يبقى مادام أصحاب النظريات المقتنعة بترابط البلدين "مخنوقا" .. وفعل "الخنق" هنا لا يعني عدم قدرة هذه التشكيلات على رفع الشعارات وتدبيج الخطب، وحتى حشد الآلاف تأييدا لسورية ..

"الخنق" هو عدم قدرة السياسة المؤمنة بالترابط السوري – اللبناني على إيجاد خطاب على مستوى الحدث .. و "الخنق" هو البقاء تحت الشعار السياسي، ثم تجاهل أكثر من نصف قرن من الأحداث.

حتى اليوم فإن ما يظهر من مؤشرات يوحي أن ما يجري ليس تكررا لزمن سابق بل هو رسم نوعي في طبيعة العلاقات الإقليمية. وبغض النظر عن الحدث فإن "الصوت المخنوق" في لبنان ربما لم يعرف بعد ان عليه استحقاقات كما على دمشق استحقاقات لضمان التوازن الإقليمي .. والصوت "المخنوق" أيضا مع امتداداته السورية ينتظر وكأن العلاقة السورية – اللبنانية هي وضع قادر على البقاء بذاته أو بضمانة من دمشق.

"الصوت المخنوق" لن يجد حريته إلا في البحث داخل استحقاقات المستقبل، ليضمن لسورية ولبنان وضعا قويا .. ولكي يرسم صورة للبلدين خارج التعابير التقليدية التي كانت مقنعة قبل عشرة أعوام .. أي قبل أن يصبح الزمن خارج إطاره الاعتيادي.. لكننا اليوم مطالبون بإعادة البحث بغض النظر عن الإجراء السياسي لعمليات إعادة الانتشار السوري أو حتى للقرار 1559.

مصادر
سورية الغد (دمشق)