هذا الأسبوع سيسجل في سجل تاريخ الشرق الأوسط كأسبوع أنهت اسرائيل في بدايته فصلاً منن 38 سنة احتلال قطاع غزة وفتحت في نهايته، بفضل ذات الخطوة الشجاعة والحكيمة، فصلاً جديداً في علاقاتها مع الأسرة الدولية.

زيارة رئيس الحكومة ارييل شارون الى نيويورك، بمناسبة افتتاح دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة تأتي كحملة نصر سياسي وديبلوماسي. عشرات رؤوساء الدول، بمن فيهم أولئك الذين امتنعوا على مدى السنين عن الاتصال المباشر مع اسرائيل، يدقون باب شارون. برويز مشرف، الرئيس الباكستاني، من الدول الاسلامية الأهم في العالم، صافحه علناً، وهو تجسيد لتصريحه الأخير في أن على العالم الاسلامي أن يعترف بأن اسرائيل حقيقة قائمة.

وزير خارجية قطر، الشيخ حمد بن جاسم الثاني، ذهب أبعد من ذلك، وبعد أن "حيا" الخطوة التي اتخذتها اسرائيل في غزة دعا الدول العربية الى الشروع في محادثات معها وفي مفاوضات على تصميم مستقبل المنطقة. والأمر الهام على نحو خاص هو الثناء الذي أغدقه رئيس الولايات المتحدة جورج بوش على القيادة الشجاعة والباعثة على الالهام من شارون.

وكما هو متوقع، فإن موجة العطف هذه من زعماء الغرب والدول العربية لا تفعل فعلها في زعماء اليمين المتطرف في اسرائيل. فعضو الكنيست بنيامين نتنياهو، الذي وقف (متأخراً) على رأس منتقدي خطة فك الارتباط، ألصق لمظاهر الدعم الدولي شعاراً صبيانياً "الأرض مقابل البساط"، من كان رئيس حكومة ووزير خارجية يعرف بالتأكيد، بأن بسط البيت الأبيض، الكرملين والأمم المتحدة تؤدي الى تحقيق المصالح الاستراتيجية الأكثر حيوية لاسرائيل، ومن اخترع "إذا أعطوا فسيأخذون، وإذا لم يعطوا فلن يأخذوا"، في سياق العلاقات بين اسرائيل والفلسطسينيين يدرك طبعاً بأن هذه القاعدة سارية المفعول أيضاً في علاقتها مع العالم الواسع.

الانهاء العملي للاحتلال في غزة يضع اسرائيل على بسط واسعة عند مجيئها لمطالبة الأسرة الدولية بعمل حازم ضد أعداء السلام في المنطقة. مثال بارز على ذلك هو الجهد الذي توليه اسرائيل الآن لتجنيد الدعم للمطلب الأميركي، في نقل موضوع تطوير القدرة النووية الايرانية الى مجلس الأمن في الأمم المتحدة كي يتمكن من فرض عقوبات اقتصادية على طهران.
اسرائيل تحظى بلحظة جيّدة في أوساط أمم العالم لأنها تنازلت عن أراض احتفظت بها: إنهاء النزاع هو مصلحة صرفة للولايات المتحدة وشركائها في الرباعية، روسيا، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. واسرائيل ستحظى بالعطف، واحتياجاتها الحيوية ستجد آذاناً صاغية، طالما كانت تعمل على تحقيق خارطة الطريق، كما أعلن شارون أمس في خطابه في الأمم المتحدة، بما في ذلك تفكيك المواقع الاستيطانية واستئناف الحوار مع الفلسطينيين.

ينبغي التحلي بالأمل في أن ينصت الفلسطينيون الى الرسالة المهمة التي بُعثت إليهم هذا الأسبوع من نيويورك على لسان الرئيس بوش في وقفته الى جانب رئيس حكومة اسرائيل: "نحن نريد القول "غزة أولاً"، ولكن واضح ان الوضع هناك هو ما سيقرر إذا حصول التقدم. يمكن الجدال في تحديد الترتيب، ولكن هناك ثلاثة أشياء لا تخضع للخلاف، وهي: الهدوء، الأمن والحكم".

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)