مبالغات في تقدير قوة الصين... وتداعيات خطيرة للتقارب الباكستاني- الإسرائيلي

ما هي أولويات الصين في المرحلة الراهنة؟ وماذا عن خطة تطوير جيش كوريا الجنوبية؟ وكيف يمكن رصد التداعيات الداخلية للقرار الباكستاني الخاص بالتقارب مع إسرائيل؟ وهل يمكن الاستغناء عن الأمم المتحدة؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن جولة سريعة في الصحافة الدولية.

"خرافة صعود الصين":

هكذا عنون "روس تيرل" مقاله المنشور يوم أمس الثلاثاء في صحيفة "ذي أستراليان" الأسترالية، راصداً مؤشرات النمو الاقتصادي لدى الصين، فهذه الأخيرة ينمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح ما بين 8 إلى 9% سنوياً، وتتنامى تجارتها الخارجية بما نسبته 25% سنوياً. وهذا النمو الاقتصادي جعل بكين تتطلع إلى أسواق جديدة وإلى حيازة قدرات عسكرية فائقة، وإلى دور دبلوماسي قوي. الصين أصبحت الآن ثاني أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم، وتسعى إلى بسط نفوذها خارج القارة الآسيوية. "تيرل"، وهو باحث في مركز "فير بانك" التابع لجامعة أوكسفورد، لفت الانتباه إلى أن تجارة بكين مع الدول الأفريقية تضاعفت ثلاث مرات خلال السنوات الخمس الأخيرة لتصل إلى 30 مليار دولار أميركي، وأبرمت الصين خلال العام الماضي اتفاقيات للتعاون الاقتصادي مع بعض بلدان أميركا اللاتينية. ومن بين التخمينات التي يتم طرحها بخصوص الصين أن اقتصادها سيتفوق بحلول عام 2020 أو 2050 على الاقتصاد الأميركي. لكن الكاتب أشار إلى أنه نادراً ما نسمع أحداً يقول إن حجم الاقتصاد الياباني يفوق الاقتصاد الصيني بثلاثة أضعاف، وأن اليابان أكثر بلدان العالم تقديماً للمساعدات لدول منطقة جنوب المحيط الهادئ.
وحسب "تيريل"، يبدو أن الأوروبيين والأستراليين وبعض الأميركيين يحاولون المبالغة في تقييم صعود الصين بغرض استخدامه أداة للضغط على إدارة الرئيس بوش وتحذيرها من أن ثمة قوة عالمية منافسة في طريقها إلى الصعود. لكن لدى الصين أولويات مهمة، تسبق منافستها للولايات المتحدة، كتعزيز الاستقرار الداخلي، خاصة في ظل استياء القرويين، وضمان استمرارية النمو الاقتصادي، والحفاظ على السلام لا سيما في وضع إقليمي معقد، بسبب جيران الصين البالغ عددهم 14 دولة. كما توجد لدى بكين مهام إقليمية ملحة تتمثل في منافسة النفوذ الأميركي داخل شرق آسيا، و"استرداد" الأراضي التي ترى أن لها حقاً فيها كجزيرة تايوان وبعض الجزر في شرق وجنوب الصين التي تتنازع بكين على ملكيتها مع دول الجوار.

تطوير الجيش الكوري:

خصصت "كوريا هيرالد" الجنوبية افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي لاستعراض ملامح الخطة الطموحة التي أعلنت عنها سيئول والتي تحمل اسم "خطة إصلاح الجيش 2020". وحسب الصحيفة، فإن المسؤولين الكوريين الجنوبيين أفصحوا يوم الخميس الماضي عن تخصيص مئات المليارات لتزويد الجيش الكوري بتقنيات حربية فائقة في ظل تقليص عدد القوات للربع تقريباً. وبحلول عام 2020 أي بعد انتهاء الوقت المخصص لتنفذ الخطة التي تبدأ من العام الحالي وتستمر خمسة عشر عاماً، سيتم تزويد الجيش الكوري بمروحيات يصل عددها ضعف العدد الحالي، وسيزيد عدد المقاتلات ليصل إلى ضعف عددها الموجود حالياً، والأمر نفسه ينطبق على عدد الغواصات والمدافع، وهو ما يحتاج إلى تمويل قدره 280 مليار دولار. ولتنفيذ هذه الخطة، يتعين زيادة النفقات الدفاعية سنوياً بما نسبته 11%، ما يثير تساؤلات حول القدرات التمويلية لكوريا الجنوبية، لا سيما في ظل توقعات مفادها أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي سيكون خلال العقد المقبل ما بين 4 إلى 5% فقط.

دلالات التقارب الإسرائيلي- الباكستاني:

في مقاله المنشور يوم الجمعة الماضي بصحيفة "جابان تايمز" اليابانية، رصد الكاتب الباكستاني "فرحان بخاري" أصداء التقارب الباكستاني- الإسرائيلي ودلالاته السياسية داخل باكستان. الكاتب لفت الانتباه إلى أن أحزاب المعارضة الباكستانية طالبت مجدداً باستقالة برويز مشرف جراء اللقاء الذي جرى بين وزير خارجية باكستان ونظيره الإسرائيلي في اسطنبول. وحسب الكاتب، فإن القرار الذي اتخذه النظام العسكري الحاكم في إسلام أباد الخاص بالتفاوض الرسمي مع تل أبيب دون الحصول على دعم وتأييد الشارع الباكستاني ولاعبيه السياسيين البارزين لا يبرز فقط الفجوة القائمة بين الحكومة الباكستانية والرأي العام الباكستاني، بل إنه يبرز خللاً في عملية صنع القرارات السياسية في البلاد. الكاتب أشار إلى أن الرئيس الباكستاني لم يفِ بكثير من الوعود التي قطعها على نفسه عند وصوله إلى سدة الحكم قبل ست سنوات، كتحقيق الإصلاح السياسي الذي طال انتظاره وتمكين سياسيين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة من الوصول إلى مراكز صنع القرار، وتوزيع المكاسب الاقتصادية على جميع الباكستانيين، لكن كل هذه الوعود ليست إلا وعوداً كلامية فقط حسب تعبيره. الكاتب نصح بضرورة الحصول على دعم الشارع الباكستاني الذي يتعين إبلاغه بأهداف التحركات الدبلوماسية التي تقدم عليها إسلام أباد، وإلا فإن الرئيس برويز مشرف سيكون عرضة لمعارضة أكثر شدة للسياسات التي يُقدم عليها.

مستقبل الأمم المتحدة:

تحت عنوان "العالم في حاجة إلى أمم متحدة أكثر قوة" كتب "ميلتا جابريك" مقالاً يوم أمس الاثنين في "انترناشونال هيرالد تريبيون" توصل خلاله إلى قناعة مفادها أنه لا يمكن الاستغناء عن المنظمة الدولية التي تقوم بمهام متعددة كعمليات حفظ السلام في مناطق النزاعات والحروب وتقديم المساعدات الإنسانية للمنكوبين. الكاتب وهو كبير مستشاري الرئيس السلوفاكي للشؤون السياسية، يرى أن مهام الأمم المتحدة صعبة، وحتى إذا فشلت في تنفيذ بعض المهام، فإنها تقوم في نهاية المطاف بإنقاذ أرواح الآلاف في مناطق النزاعات. "جابريك" أشار إلى أنه كي ندرك أهمية المنظمة الدولية، لابد من أن نتخيل العالم دونها؛ ففي هذه الحالة سيعيش العالم مرحلة "هوبزية" (نسبة إلى المفكر السياسي الإنجليزي "توماس هوبز" الذي نبه في القرن السابع عشر إلى ضرورة وجود السلطة في المجتمع كي لا تعم الفوضى وتقع حرب الكل ضد الكل)، ولذلك يتعين على العالم أن يفكر ملياً في إصلاح المنظمة الدولية وتقويتها لا في إضعافها والتخلص منها.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)