يصرون على أن نخوض المغامرة الكبرى .. مغامرة الخروج من الجنة لأن حواء هي التي أغوت آدم. وعندما يسيل الدم نكرر الجريمة الأولى في الإنسانية. لأننا مصرون على اعتبار العالم مملوك للرجل الذي يحق له القتل أو الهروب بنسائه خارج التاريخ.

ما يوحيه قتل هدى أبو عسلي ليس الجريمة المكررة بل إصرارنا على حماية "الخطيئة" بدعوى الشرف و "فورة الدم". وما ينقله دمها المهدور هو أننا قادرون على ممارسة اغتيال الذات مهما كان الثمن. وحملة التواقيع التي يمكن أن يشارك بها الجميع ليست وسام شرف لمن يقتل ... إنها حالة الضعف الذي نصر على استخدامه كلما شاهدنا جريمة.

حقوق المرأة لم تكن يوما عرائض فقط .. إنها الإصرار الأبدي على الوجود رغم ملامح "السبي" الذي يمارس كل يوم في مخادع الرجال ... وحقوق المرأة هي ذاكرة الضحايا والقدرة على سلب الحق من الرجل في الاستمتاع بجرائم الشرف ...

نحن من نهلل لتنفيذ الجريمة ... نساء شاردات في صحراء تحرقنا وندعي المتعة في العذاب، أو ندعي أننا نحصن الصورة الأخير للأنثى ... النساء قبل الرجال سيسألن عن دم هدى ... لأن عصر الجواري مازال يستصرخ في أعماقنا ... فإذا كنا نوقع على العرائض، فإننا نهرب أيضا من خطيئتنا الأولى لأننا مقتنعون بالذنب.

لا حاجة لاسترجاع شريط البحث عن الذات، فكل محاكم الإناث كانت من صنع ما نحمله في داخلنا، وربما علينا لمرة واحدة أن نكسر الأقلام ونحرك عقولنا ...

سأوقع على العريضة ... لكنني أريد أن أخرج الغضب من الداخلي ... أريد الاقتناع بأنني لست مسؤولة عن الدم المهدور ... أريد أن أكون صورة للمستقبل لا حاملة لتقاليد ألقنها لابنتي أو حفيدتي أو أي امرأة أراها قبالتي.