الخط الفاصل ما بين العراق ولبنان يبدو دقيقا جدا .. والتمييز الدقيق بين سرعة الأحداث وطبيعة الضغوط يختلط وراء حجم المواقف، لكن ما يبدو ظاهرا هو ان دوامة العنف والضغط تنتقل من الشرق إلى الغرب .. وبالعكس .. حاملة صورا ونتائج تنطوي على الكثير من المظاهر السياسية التي تحتاج إلى دراسة .. فأسئلة على شاكلة: من المظلوم في العراق .. وما الحدود الفاصلة ما بين الإرهاب والمقاومة .. أو هل سورية وراء اغتيال الرئيس الحريري ... كل هذه الأسئلة تغيب بشكل سريع أمام ردود الفعل التي توحي أن كافة التيارات فقدت السمت الاستراتيجي.

زمن القسوة .. هو الإطار الذي خلقناه بعد أن غابت رؤية كافة الإطراف للمستقبل، وبعد سلسلة التداعيات للآمال التي بدأت منذ منتصف القرن العشرين... وزمن القسوة هو الصورة المثلى للصرامة العقلية التي قادت مجتمعاتنا نحو التصلب وعدم مراجعة ما نريده او نسعى إليه .. والمشهد لهذه القسوة بين سورية ولبنان ظل يتراكم منذ الخمسينيات، عندما تم فصل الارتباط النقدي، ثم أنشأ ميناء اللاذقية، وتفاعلت الأزمة اكثر بعد انتقال المقاومة الفلسطينية إلى لبنان. واليوم يتدخل مجلس الأمن في هذا الأمر لتصبح القسوة "دولية".

وإذا كانت العلاقات السورية – اللبنانية محكومة ببعد جغرافية وسكاني، فإن المواقف السياسية، والآليات السياسية من مختلف الأطراف تحمل إصرارا على النظر للإجراء السياسية دون رسم رؤية .. فالأبعاد النهائية للأزمة الحالية محكومة بمواقف متشنجة وبضغوط دولية قاسية، والآليات السياسية أبعد ما تكون عن رسم ملامح إقليمية تأخذ بعين الاعتبار أن الشرق الأوسط أصبح بؤرة نار.

اليوم يجب ان لا يقف الأمر عند الإجراء السياسي، مهما كان الطرف الساعي إليه، لأن العلاقة السورية – اللبنانية في بعدها الاستراتيجي أهم من ان توضع ضمن الآلية السياسية .. فهي مهمة ثقافية للمجتمعين .. وهي صورة الغد ليس لسورية فقط بل للشرق الأوسط عموما.

مصادر
سورية الغد (دمشق)