أفادت مصادر أميركية وأوروبية امس ان سوريا تسعى الى "صفقة"، تجنبها التعرض لعقوبات دولية موجعة تزيد عزلتها، و"زلزالاً سياسياً"، اذا أدى التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري الى توريطها.

وأوردت صحيفة "الواشنطن بوست" ان حكومة الرئيس بشار الاسد بدأت قبل شهر البحث عن احتمال التوصل الى تسوية مماثلة الى حد ما لتلك التي توصل اليها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي لانهاء عزلته الدولية نتيجة دور ليبيا في تفجير طائرة "بان أميركان" فوق اسكوتلندا عام 1988. وتضمنت التسوية، تسليم متهمين من المخابرات الليبية كانا ضالعين في التفجير لمحاكمتهما أمام محكمة دولية. وكانت تلك الخطوة بداية خروج ليبيا من عزلتها والسير على طريق الافلات من العقوبات الدولية.

لكن المشكلة التي تواجهها سوريا، كما قالت الصحيفة، هي ان الولايات المتحدة وفرنسا والمسؤولين في الامم المتحدة ابلغوا الى دمشق أخيراً انهم غير مستعدين لتسويات من حيث التحقيق الدولي لكشف هوية المسؤولين عن اغتيال الحريري، أو من حيث اتخاذ أي خطوات قضائية لاحقة، بغض النظر عما سيؤدي اليه التحقيق.

ونسبت الصحيفة الى مسؤول اميركي مطلع على المحاولات السورية هذه، انه منذ توقيف أربعة مسؤولين أمنيين لبنانيين بارزين لهم علاقات وثيقة مع سوريا، ودمشق تشعر بالقلق لان تحقيقات القاضي ديتليف ميليس تقدمت بسرعة غير متوقعة، وان ميليس "توصل الى اشياء أشارت القلق لدى المسؤولين في دمشق".

واضافت ان العروض السورية تضمنت مقترحات مبهمة عن استعداد دمشق لتسليم بعض رجال المخابرات الذين لم تسمهم "في مقابل ضمانات ألا تؤدي أي محاكمات لاحقة الى توجيه اصبع الاتهام الى مستويات أعلى في سوريا".

كما نسبت الى مسؤول أميركي بارز في وزارة الخارجية الاثنين بعد اجتماع وزراء الفريق الدولي لمساعدة لبنان في نيويورك، ان هناك "دعماً شاملاً" للتحقيق الدولي الذي يجب "ألا يتعرض لأي محاولات للتأثير على النتائج. والتحقيق يجب ان يلحق بالوقائع الى أي مكان تؤدي اليه".

ولفتت الى ان التحقيق استفاد من تدفق غير متوقع للمعلومات، من مصادر أمنية لبنانية، الى مسؤولين سوريين مطلعين، كما قالت مصادر غربية مطلعة على التحقيق. ونقل بعض هذه المصادر الى اوروبا.

ورأت انه بالنسبة الى الرئيس بشار الاسد، تكتسب نتائج التحقيق الدولي أهمية بالغة، وتتخطى التحقيق في جريمة اغتيال الحريري . وقال مسؤول أوروبي بارز مطلع على مضمون التحقيق "ان بشار يتحرك في اتجاه لحظة الحقيقة، اللحظة التي ستقرر رئاسته.تقرير ميليس سيصدر في 25 تشرين الاول، واذا أظهر ان المسؤولية تصل الى القمة في دمشق، فان ذلك سيؤدي الى زلزال سياسي".

ونقلت أيضاً عن مصادر أميركية وأوروبية انه "اذا وجه الاتهام الى مسؤولين سوريين بالاسم، فان الاسد سيتعرض لضغوط لتوقيفهم ومحاكمتهم، واذا لم يفعل فانه سيواجه ادانات دولية واجراءات عقابية مثل العقوبات الاقتصادية والديبلوماسية.

وأعلنت ان المسؤولين الاميركيين والاوروبيين يبحثون الان في صيغة قرار جديد في الامم المتحدة لضمان اجراء محاكمة رسمية لاي شخص يوجه اليه الاتهام في التحقيق. واشارت الى تصريحات الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والامن المشترك للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا لـ"الحياة" والتي جاء فيها انه اذا وجه الاتهام الى أي مسؤول سوري رفيع المستوى يجب ان يدفع ثمن اعماله بغض النظر عن منصبه، وانه اذا كانت سوريا متورطة في اغتيال الحريري فان الاتحاد الاوروبي سوف يدرس جديا مضاعفات مثل هذه النتائج.

وأشارت "الواشنطن بوست" الى انه اذا سلم الاسد بعض المسؤولين السوريين فان سيطرته على السلطة ستهتز وسيجازف باحتمال تحرك مسؤوليه الامنيين ضده. ورأى مسؤول اوروبي انه كان في امكان الاسد تفادي بعض هذه الضغوط على حكومته لو تحرك بسرعة بعد اغتيال الحريري.

مصادر
النهار (لبنان)