سوريا! لماذا الآن؟...لماذا لا تحصل إيران علة صفقة مثل كوريا؟ أعاصير جديدة لإدارة بوش...وكاترينا تعلم أمريكا كيف تتعامل مع أعاصيرها

غطت الصحف الأمريكية العديد من الموضوعات العربية هذا الأسبوع، وجاء موضوع زيادة الضغط السياسي على سوريا على رأس الموضوعات التي حظيت بتغطية كبيرة. ومثل الملف النووي الإيراني قضية هامة تناولتها الصحف الأمريكية باهتمام كبير. أما إعصار ريتا الجديد وتداعيات إعصار كاترينا فقط مثلا الحيز الأكبر من تغطية الإعلام الأمريكي هذا الأسبوع وما نتج عنهما من كوارث وطبيعية والانعكاسات السلبية لهذه الأعاصير على إدارة الرئيس جورج بوش.

لماذا سوريا الآن؟

كتب جوشوا لانديس وهو أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة أوكلاهوما مقالا بصحيفة نيويورك تايمز New York Times يحذر فيه من إقصاء سوريا عن الساحة السياسية في الشرق الأوسط وخاصة العراق. وسرد الكاتب بعض الخطوات التي لجأت إليها الإدارة الأمريكية كي تعوق حضور الرئيس السوري بشار الأسد القمة الدولية، وذلك عبر إرجاء تأشيرته وحرمانه من لقاء وزراء الخارجية لمناقشة الشئون السورية واللبنانية، فضلا عن إيفاد محقق الأمم المتحدة إلى دمشق فترة مغادرة الأسد مما اضطره إلى تغيير خططه. ونقل الكاتب عن رجال السياسة ورجال قطاع الأعمال في الولايات المتحدة قناعتهم بأن واشنطن تسعى للإطاحة بنظام الأسد وليس فقط تغيير سلوكه.
وأشار لانديس إلى أن ثمة الكثير من القضايا التي ينبغي على الطرفين، السوري والأمريكي، طرحها على مائدة النقاش إذ أن كليهما يسعيان لحل المشاكل العراقية، كما أن لديهما مصالح مشتركة في كبح الجهاديين ومساعدة العراقيين على إرساء الديمقراطية.

وذكر الكاتب أن واشنطن تفضل رشق سوريا بالمطالب بدلا من مساعدتها على تقديم يد العون للولايات المتحدة، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تعتقد أن اتخاذ الأسد خطوات صارمة بحق السوريين السنة الذين يقدمون المساعدة للمقاتلين عبر سوريا، أمر هين.
وحذر من أن انهيار النظام في سوريا من شأنه أن يخلق فرصا لفوضى عرقية قد تفضي إلى تعزيز النفوذ المسلح لدى السنة، الأمر الذي سينعكس أثره على الجهاديين في العراق. ويخلص الكاتب إلى أن إصرار البعض في واشنطن على محاربة الأسد بدعوى أن نظامه ليس ديمقراطيا، ربما يهدد فرص العراق السلمية في المستقبل، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة في حاجة لتلقي العون من سوريا من أجل استقرار العراق، وهذا يتطلب حوارا حقيقيا ودعما لا تهديدا ووعيدا

أما صحيفة واشنطن بوست Washington Post فأشارت إلى مسئولين أمريكيين وأوروبيين في قولهم إن سوريا تحاول التفاوض بشأن صفقة تجنبها إجراءات عقابية من طرف الأمم المتحدة في حال إدانتها بالضلوع –كما هو متوقع على نطاق واسع- في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
ونسبت الصحيفة إلى نفس المصادر أن الرئيس السوري بشار الأسد بحث خلال الشهر الماضي عن صفقة محتملة تشبه التي أبرمها الرئيس الليبي معمر القذافي لإنهاء العقوبات الدولية القاسية التي كانت مفروضة على بلاده لدورها في تفجير طائرة أمريكية عام 1988 فوق لوكريي في اسكتلندا.

لكن الولايات المتحدة وفرنسا ومسئولي الأمم المتحدة عبروا لسوريا عن رفضهم لأي حل وسط قبل إكمال تحقيق شامل في مقتل الحريري واتخاذ الخطوات القانونية المترتبة على ذلك، بغض النظر عمن سيشمله ذلك التحقيق.

وذكرت الصحيفة أن من بين الأمور التي عرضتها دمشق استعدادها لتسليم عدد من عملاء ومسئولي المخابرات السورية مقابل ضمانات بأن لا تشير أية محاكمات لاحقة بأصبع الاتهام إلى أي مسئول سوري يشغل منصبا أرفع من ذلك. وذكر مصدر الصحيفة أن ما سهل جمع المعلومات في هذا التحقيق هو سيل المعلومات التي كشفت عنها مصادر المخابرات اللبنانية، فضلا عن معلومات أدلى بها مسئولين سوريين بارزين, مشيرا إلى أن بعض من أدلوا بتلك المعلومات قد تم نقلهم إلى أوروبا.
وقالت الصحيفة إن المسئولين الأوروبيين والأمريكيين يناقشون الآن قرارا جديدا لمجلس الأمن يضمن محاسبة كل من ورد اسمه أو تأكد ضلوعه حسب التقرير الدولي في اغتيال الحريري

أعاصير جديدة لإدارة جورج بوش

وصفت صحيفة واشنطن تايمز Washington Times في أحد افتتاحيتها أجندة الرئيس الأمريكي جورج بوش في إعادة بناء المناطق المنكوبة التي ضربها الإعصار كاترينا، بأنها خطوة غاية في الأهمية وفي الاتجاه الصحيح. وكان بوش قد عرض خفض الضرائب على قطاع الأعمال التي ستساهم في بناء تلك المنطقة، وتقديم معاشات للنازحين من أجل التعليم والرعاية الصحية وتدريبهم على الأعمال.
وأشادت الصحيفة بعدم ذكر بوش في خطابه تفويض السلطة لمن سيعين لإدارة هذه المشاريع في إشارة منه إلى متابعته بنفسه لإعادة إعمار الخليج المنكوب.

وفي هذا الإطار أيضا رحبت صحيفة واشنطن بوست في أحد افتتاحيتها بخطاب بوش وعزمه على القيام بما يلزم لإعادة إعمار المناطق المدمرة، وبإقراره بمسئوليته الشخصية وواجب الحكومة نحو مكافحة الفقر المدقع الذي كشف عنه الإعصار.
ودعت الصحيفة إلى تعزيز دور فيدرالي مسئول أكبر، بدلا من الاكتفاء بكتابة الشيكات المصرفية، معربة عن خيبة أملها في غياب الدليل إزاء قدرة بوش على مواجهة جشع صانعي السياسة في الإدارة، مستشهدة بعزوف بوش عن الحديث عن زيادة الضرائب لتدفع لإعادة الإعمار. وألمحت الصحيفة إلى ضرورة متابعة الحكومة لأوجه النفقات، ليس فقط لمراقبة الغش بل للتأكد من أنها تنفق في أوجهها الصحيحة

وتحت عنوان "أمريكا الأخرى2005" أوردت صحيفة واشنطن بوست في أحد افتتاحيتها قول الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون عام 1964 "من المؤسف أن كثيرا من الأمريكيين يعيشون في ضواحي الأمل، بعضهم بسبب الفقر والبعض الآخر بسبب لون البشرة، وأغلبهم للسببين معا، ومهمتنا هي أن نبدل قنوطهم بالأمل". وقالت الصحيفة إن إعصار كاترينا وما رافقه من تغطية إعلامية لإجلاء الأمريكيين السود الفقراء الذين مثلوا جل المتضررين من هذه الكارثة دل على أن الحرب "دون هوادة على الفقر في أمريكا" التي شنها جونسون أبعد ما تكون عن الانتهاء.
وذكرت أن الفقر تقلص بين الأمريكيين السود بصورة كبيرة غير أنه لا يزال غير مقبول، إذ لا يزال ربع الأمريكيين السود وثلث الأطفال السود في أمريكا فقراء رغم أننا في العام 2005.

وتحت عنوان "المأساة بالأسود والأبيض" قال المعلق بول غرومان في صحيفة نيويورك تايمز إن لون البشرة هو ما يجعل أمريكا تعامل فقراءها بطريقة أقسى من أي دولة متقدمة أخرى.

وقالت صحيفة يو.أس.أي توداي USA Today إن الأعاصير الجديدة تأتي بمشاكل جديدة وتستخلص منها دروس جديدة، مشيرة إلى أن السلطات الأمريكية تعلمت من كاترينا كيف تتعامل مع إعصار ريتا. وذكرت الصحيفة في هذا الإطار التوعية الكبيرة والإمكانيات الهائلة التي وفرت لنقل العجزة والفقراء بعيدا عن مناطق الخطر. لكن الصحيفة لاحظت أن حل هذه المشاكل خلق مشاكل أخرى لم تكن في الحسبان، حيث أدى التزاحم المروري للفارين من المنطقة إلى ما يشبه الفوضى العارمة خاصة في ظل النقصان الحاد للتموين بالبنزين على الشوارع، إضافة إلى تغيب عدد كبير من عمال المطارات ووصول عدد كبير من المسافرين دون حجوزات مؤكدة. من جهة أخرى أوردت الصحيفة تقريرا علميا قالت فيه إن فكرة تفجير أعاصير مثل كاترينا وريتا أو تخفيف قوتها أو تغيير وجهتها قبل أن تصل شواطئ الولايات المتحدة، تبدو جيدة. لكنها أشارت إلى أن علماء الفضاء والمناخ أكدوا بعد تجارب بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي أن تطبيق تلك الفكرة على أرض الواقع أمر مستحيل.

زعامة بوش محل تساؤل!

قالت صحيفة يو.أس.أي توداي إن نظرة الأمريكيين للرئيس جورج بوش وزعامته ساءت كثيرا في ظل الغضب العارم إزاء تعامل الحكومة مع الإعصار كاترينا وتطورات الحرب على العراق, فضلا عن مستقبل الاقتصاد الأمريكي. وذكرت الصحيفة أنه حسب نتائج استطلاع للرأي أجرته بالتعاون مع (سي.إن.إن) و(غالوب) فإن شعبية بوش وصلت أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث بلغت نسبة الناقمين عليه 58%، وأعرب أغلبية لأول مرة عن تأكدهم أن بوش ليس زعيما حاسما وقويا.
ونقلت الصحيفة عن كارول دوهيرتي وهي باحثة مستقلة في مركز بيو للأبحاث قولها إن بوش يقف الآن على شفا الكارثة, إذ يبدو أنه فقد التأييد بين المستقلين, كما يبدو أن شعبيته في حزبه في تناقص, في الوقت الذي كان قد فقد تأييد الديمقراطيين منذ زمن بعيد.

وردا على هذه الاستطلاعات قال المتحدث الصحفي في البيت الأبيض سكوت ماكليلان إن الرئيس الأمريكي يدرك أن على الزعيم أن يحكم حسب ما هو صحيح وليس حسب استطلاعات الرأي ولهذا فهو يعمل على تحقيق الأولويات التي يصبو إليها الأمريكيون.

وأظهر الاستطلاع مؤشرات على وجود خلاف كبير بشأن العراق وكاترينا، إذ يرى 54% من الأمريكيين أن أفضل طريقة لتوفير المال اللازم لإعادة إعمار المناطق التي دمرها الإعصار هي بتقليص النفقات على الحرب في العراق، بينما لا يوافق بوش في رأيه بتقليص مخصصات البرامج الداخلية لتحقيق ذلك الهدف سوى 6% من الأمريكيين.

إيران الصعبة....ولماذا لا تحصل على صفقة مثل كوريا الجنوبية؟

تحت عنوان "إيران تجعل كوريا الشمالية أمرا سهلا" قالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز Los Angled Times إن الدبلوماسيين وخبراء رقابة التسلح مجمعون على أن تقدما كالذي حصل في المفاوضات مع كوريا الشمالية لن يكون تحقيقه سهلا مع إيران.
وذكرت الصحيفة أن كوريا الشمالية يقتصر نفوذها الدولي على الخطر الذي يمثله برنامجها النووي, في حين يمتد نفوذ إيران ليشمل بعض القضايا المركزية بالنسبة لسياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش في الشرق الأوسط, فضلا عن كونها استطاعت أن تنمي علاقات مع شركاء يتمتعون بنفوذ دولي واسع مثل روسيا والصين والهند، ما يخولها بناء حاجز في وجه الضغوط الأمريكية.

ونقلت الصحيفة في هذا الإطار عن جورج بيركوفيتش من معهد كارنيجي للسلام الدولي قوله إن السياسة الأمريكية ظلت تحاول تخويف العالم من إيران, غاضة الطرف عن كون العالم أكثر خوفا من أمريكا نفسها وعليها إذاك أن تعمل ما في وسعها لجعله أقل خوفا منها

أما صحيفة واشنطن تايمز فقد ذكرت أحد افتتاحياتها أن خطاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بنغماته العالية أقنع الاتحاد الأوروبي بأنه لا نية لدى طهران لتطبيق التزاماتها بحسب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وشككت الصحيفة في أن التلويح بفرض عقوبات اقتصادية على إيران قد يثني آية الله علي خامنئي عن إنهاء 20 عاما من الغش والتستر على البرنامج النووي. واستطردت قائلة إن التهديد بإحالة الملف النووي إلى مجلس الأمن وما تؤول إليه من عقوبات اقتصادية، قد يدفع إيران إلى الاعتقاد بأن تلك العقوبات هي مجرد ثمن يستحق دفعه للمضي في جهودها الخفية لإنتاج الأسلحة النووية

من ناحيتها قالت صحيفة نيويورك تامز أن تحذيرات المفاوض الإيراني للشئون النووية على لاريجاني من أن استخدام الولايات المتحدة وحلفائها للغة التهديد بإحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن سيكون ذريعة للمضي قدما في تخصيب اليورانيوم وحظر المعلومات الدقيقة عن المفتشين الدوليين. وقالت الصحيفة إن هذا التحذير جاء عقب الإعلان عن تداول وثيقة سرية حصلت عليها نيويورك تايمز، لدى هيئة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتنطوي على دعوة مجلس الأمن للتعاطي مع الخروقات الإيرانية. وأشارت الصحيفة إلى أن التحذير الإيراني جاء عقب توصل الولايات المتحدة وكوريا الشمالية لاتفاقية تقضي بتخلي الأخيرة عن برنامجها النووي بـ24 ساعة فقط.

ومضت تقول إن ما أثار الدهشة لدى العديد من الخبراء الأمريكيين هو أن التهديدات الإيرانية تبدو وكأنها انبثقت من إستراتيجية كوريا الشمالية التي مارستها على مدى ثلاثة سنوات لدى مواجهتها بالمزاعم الأمريكية التي تقضي بأن كوريا الشمالية شرعت ببرنامج ثاني خفي لتجنب تجميد نشاطاتها النووية التي كانت محل تفاوض مع إدارة كلينتون عام 1994.

وتابعت قولها إن كوريا الشمالية قامت في نهاية عام 2002 بترحيل المفتشين الدوليين وانسحبت من معاهدة حظر الانتشار النووي، مشيرة إلى أن إيران لم تصل إلى هذا الحد بعد.

مصادر
إيلاف (المملكة المتحدة)