التبريرات التي تعطيها القوى السياسية المشاركة في الحكومة لملاحظاتها أو انتقاداتها لرئيسها فؤاد السنيورة وقلقها من الشروط الأميركية المطروحة على لبنان لتقديم المساعدة الاقتصادية له تتعدد وتختلف. ويسعى الناطقون باسم هذه القوى التي وجهت انتقادات الى السنيورة الى شرح أسباب تحفظاتهم عن ما جرى أثناء اجتماع نيويورك للمجموعة الدولية لمساندة لبنان اقتصادياً وبعده الى اعطاء شرعية لملاحظاتهم كل على طريقته.

ويقول مصدر قيادي في «حزب الله» لـ«الحياة» ان «لا علاقة لامتداح الحزب لخطاب رئيس الجمهورية اميل لحود بالموقف الذي اتخذه من عدم رد السنيورة على قول وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ان ثمة أطرافاً في الحكومة تريد مواصلة العنف». ويعتبر المصدر ان موقف الحزب من لحود «لم يتغير فهو يرى وجوب تأجيل طرح مسألة الرئاسة الى ما بعد انتهاء التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري ومعرفة الحقيقة كاملة لمعرفة ما اذا كان الضباط الموقوفون متهمين فعلاً وبالتالي ما اذا كان هذا يؤثر في موقع لحود في الرئاسة». ويقول المصدر ان «امتداح خطاب لحود لأنه أشار الى مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وميز بين الارهاب والمقاومة هو موقف أخلاقي من جانبنا، كمسؤول ساند المقاومة في تحرير الجنوب». ويصر المصدر القيادي نفسه على ان الموقف من لحود «لا يؤثر في تحالفنا مع «تيار المستقبل» برئاسة النائب سعد الحريري ومع «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة النائب وليد جنبلاط، ولا بالموقف من الحكومة التي نحن أعضاء فيها في النهاية».

وأوضح المصدر ان من ملاحظات الحزب على السنيورة أنه «حين أشارت رايس الى أعضاء في الحكومة لم يرد بتأكيد ما يتضمنه البيان الوزاري لجهة ان الحكومة ستخوض حواراً داخلياً حول مسألة سلاح المقاومة وان موقفنا هو الحذر مما قصدته رايس لأن لدينا شكوكاً في ربط المساعدات الاقتصادية بتطبيق القرار 1559 لجهة سلاح المقاومة خصوصاً ان الموقف الأميركي يوحي بأن لبنان انتقل من موقع الى موقع ومن حقنا أن نطرح أسئلة على الحكومة أن ترد عليها».

وأكد المصدر ان انتقادات رئيس كتلة نواب الحزب النيابية محمد رعد لجمود الحكومة «لا علاقة له بما حصل أثناء اجتماعات نيويورك».

وعما اذا كانت هناك علاقة بين أنباء الانفتاح بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» من جهة وبين الموقف الأخير من السنيورة من جهة ثانية، استبعد المصدر ذلك وقال ان انفتاح الحزب على العماد عون له علاقة بجملة ثوابت هي: «حرص الحزب على الحوار الداخلي – الحفاظ على الوحدة الوطنية – الحفاظ على سلاح المقاومة دفاعاً عن لبنان».

ويقول القيادي أن «ظروفاً أمنية حالت دون لقاء العماد عون مع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله سابقاً، لكنها تغيرت الآن فضلاً عن أن له موقفاً متطوراً من موضوع سلاح المقاومة حين صرح أخيراً بأن الدفاع عن لبنان وسلاح المقاومة متلازمان».

وعلى رغم القلق الذي أبداه الحزب من امكان ربط المساعدة الاقتصادية للبنان بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1559 والأسئلة الموجهة الى السنيورة في هذا الصدد، فإن المصدر القيادي نفسه يطرح مقاربة مختلفة حول تصور الحزب ونقاشاته الداخلية في مستقبل هذا القرار، ويشير المصدر الى ان الحزب يرى في سلاح المقاومة الذي يطالب القرار بنزعه الصيغة الأفضل للدفاع عن لبنان في وجه اسرائيل. وان الحوار حول هذه المسألة طرحه الحزب نفسه وأن ليس هناك من فريق لبناني اقترح صيغة بديلة حتى الآن. ويضيف المصدر: «قناعتنا أن لا أحد من اللبنانيين مستعد لأن يكون أداة ضغط على المقاومة وأن أياً من اللبنانيين مستعد لأن يكون أداة للأميركيين في تطبيقه لأن ليس من جهة لبنانية تأخذ على عاتقها تنفيذه مع تحمّل الارتدادات الخطيرة داخلياً لهذا التنفيذ.

واذ يؤكد المصدر ان صيغة دمج المقاومة بالجيش غير واردة كمخرج لتنفيذ القرار 1559 لأنها عسكرياً غير ممكنة نظراً الى اختلاف وسائل تحرك الجيش والمقاومة يرى أن مصير القرار الدولي هو ألا ينفذ مثله مثل عشرات القرارات الدولية غير المنفذة. ويسأل المصدر: «لماذا ننفذ قراراً يخدم اسرائيل؟ والمجتمع الدولي يستطيع أن يدرك في نهاية المطاف أن لا امكان لتطبيقه ما دامت الأكثرية الموجودة حالياً في الحكومة ترفع شعار دعم المقاومة بما فيها «تيار المستقبل». ونحن لسنا قلقين من الموضوع». لكن المصدر القيادي في «حزب الله» يرى ان الولايات المتحدة ستبقى تحاول التحرك عبر بعض السياسيين اللبنانيين الذين يعتبرون ان سلاح الحزب استنفد، على رغم ان الأكثرية لا توافق على ذلك.

اذن ما الذي يقلق الحزب في هذه المرحلة؟ يقول المصدر القيادي: «قراءتنا للوضع في المنطقة تقول ان الخطة الأميركية في المنطقة بعد احتلال العراق لم تنجح في تفكيك المربع المناهض لهذه السياسة. فهي لم تستطع أن تقضي على المقاومة في فلسطين بل على العكس فإن هذه المقاومة صمدت وحققت انجازاً بالانسحاب الاسرائيلي من غزة. والمقاومة في لبنان حافظت على حضورها بعد انتصاراتها في دحر الاحتلال وهي محاطة بموقف لبناني يحصنها. أما السعي الى اضعاف ايران واسقاطها فقد فشل لأسباب عدة منها تماسك وضعها الداخلي وقوتها العسكرية ونفوذها في العراق وفشل السياسة الأميركية تجاه ايران حال بنسبة معينة دون اضعاف «حزب الله» في لبنان أيضاً».

ويتابع المصدر: «تبقى سورية، الادارة الأميركية لجأت الى اضعاف الحلقة الوسيطة التي هي سورية عبر سلسلة ضغوط تمارس عليها وما زالت مستمرة والخوف هو من أن يستخدم التحقيق في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري اذا جرى تسييسه أو استند الى استنتاجات سياسية، كأحد وسائل تصعيد الضغط على سورية. فنحن نريد أن تظهر الحقيقة في اغتيال الرئيس الشهيد لكن الخشية موجودة من استغلال الأمر سياسياً ضد سورية لاضعافها أكثر وهذا مقلق لنا».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)