تناول زئيف شيف المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" انعكاسات انسحاب أميركي محتمل وقريب من العراق على دول المنطقة والولايات المتحدة، ننقل بعض ما جاء في المقال: "الذين سارعوا في الدفاع او في التهجم على الفلسطينيين لحرقهم الكنس التي بقيت في غوش قطيف الافضل لهم ان يشاهدوا ما يجري للمساجد في الحرب الدائرة في العراق. المسلمون ولا سيما المتمردون السنة يفجرون المساجد ويقتلون مئات المصلين الذين يعتبرونهم اعداء لهم، فلماذا سيكون مصير الكنس مختلفاً في نظرهم؟ ان تلك الاماكن مثل غيرها لا ينظر اليها المسلمون بوصفها أماكن مقدسة.

وتذكر عمليات القتل الجماعي في العراق بما فعله قبل سنوات الثوار المسلمون المتشددون في الجزائر ضد الالاف من مواطنيهم. والهدف في العراق هو التأكيد على عجز الحكومة التي قامت بعد الانتخابات عن تأمين الامن لمواطنيها، حتى لو كانت تحظى بتأييد الجيش الأميركي.

لقد قام معهد راند للأبحاث بدراسة مقارنة لتسع حالات شهدت اعادة ترميم بعد الحرب وشملت مجالات مختلفة: اعادة الاقتصاد الى طبيعته، الخدمات الصحية، التعليم، الشرطة، المحاكم، مراقبة الحدود، والامن الداخلي. وتبين ان الجهود نجحت في سبعة أماكن (البوسنة، هاييتي، تيمور الشرقية، الصومال، السلفادور، بنما، وكوسوفو) وأخفقت في العراق وافغانستان.

في المقابل الآراء متداخلة في البنتاغون. هناك مثلاً من يشير الى دلائل نجاح، فالانتخابات أجريت وتمت صياغة الدستور العام، كما تواصل التجنيد في الجيش العراقي، وهناك عدد اكبر من العمليات العسكرية الناجحة بما فيها تلك التي تجري على حدود سوريا حيث تحصل عمليات تسلل ومطاردة داخل هذه الدولة، وتحسن اداء المخابرات، وانخفضت الخسائر الاميركية هناك. ورغم ذلك ليس في البنتاغون من يدعي ان العراق شهد انقلاباً لمصلحة الاميركيين. هذا هو السبب الذي يدفع الرأي العام الأميركي الى توجيه انتقاد أكبر الى الحرب. بالاضافة الى ذلك تفككت مجموعة المحافظين الجدد في الادارة الاميركية التي أوصت بالحرب ضد صدام وفقدت مكانتها.

ليس مستغرباً صدور أصوات في واشنطن تدعو الى ضرورة التخطيط لاستراتيجيا الخروج من العراق. يجيب الرئيس جورج بوش انه لا يريد ان يفعل ذلك قبل ان يحقق في العراق انتصاراً على الارهاب.في الماضي القريب انسحبت الولايات المتحدة من فيتنام ومن لبنان ومن الصومال. هناك فارق بالطبع بين الانسحاب من فيتنام حيث وقفت فيتنام الجنوبية ضد فيتنام الشمالية. اما في الشرق الاوسط فالانسحاب العاجل فيه سيصور كهزيمة وسيؤثر في الدول النفطية في المنطقة، بما فيها السعودية وايران، وكذلك سيؤثر في وضع اسرائيل.

ورداً على الادعاء أن الانسحاب العاجل من العراق لن يضر بالولايات المتحدة نقول ان الرد التسلسلي لمثل هذا الانسحاب سيكون له تأثيره الدراماتيكي على الدول العربية وسيؤثر في النهاية على أمن الولايات المتحدة".

مصادر
النهار (لبنان)