هذا الاسبوع نشر اللواء احتياط عوزي دايان، خطته "لدفع السلام قدما" وهو اقترح على الحكومة الانسحاب من 32 مستوطنة في الضفة الغربية، واخلاء عشرين الف يهودي، كمرحلة أولى تقود إلى تسوية مع الفلسطينيين. وبحسب كلامه، يتعين على إسرائيل الانسحاب من الضفة الغربية باستثناء أجزاء من غوش عتسيون والقدس التي ستبقى جزءاً لا يتجزأ من دولة اليهود. وقال دايان في المؤتمر الصحفي الذي عقد بتل ابيب "هذه هي الطريق الوحيدة التي ستقود الى تسوية سلمية".

قرر عوزي دايان انه حان موعد كشف سياسته امام الملأ. فهو لم يعد مستعداً للتسليم بما يدعيه بعضهم من أنه يحق لإسرائيل بعد الانسحاب من غوش قطيف بأن تتوقف لفترة زمنية طويلة كما وعد رئيس الحكومة شارون، إلى حين استئناف المباحثات حول الانسحاب من أراض معينة في الضفة الغربية.

خطة الانسحاب التي اقترحها عوزي دايان ستقود في النهاية إلى انسحاب إسرائيلي لحدود ما قبل حرب الأيام الستة، مع تعديلات طفيفة فقط عديمة المغزى فعلياً.

السؤال الذي يطرح نفسه هو من الذي يقف وراء خطة عوزي دايان، فمن الصعب الافتراض ان الامر يتعلق بمبادرة شخص واحد فقط. ثمة اهمية في فحص هوية الجهات التي تقف وراءه، وما اذا كانت مرتبطة مباشرة بحكومة شارون، أو باليسار؟ ذلك انه ثمة أساس للافتراض ان ثمة بينهم من يقف وراء دايان. ونحن نتجرأ بالرهان أيضاً على أن "يد شارون ضالعة". ليس سراً ان رئيس الحكومة لم يدخل في مواجهة مع الولايات المتحدة عندما امتنع الرئيس بوش عن ضم المنطقة التي توجد فيها المستوطنات الاثنتان والثلاثون إلى خارطة الاستيطان التي ستبقى في هذه المرحلة مركزة تحت السيطرة الإسرائيلية.

فضلا عن ذلك، محظور علينا تجاهل حقيقة ان السور الذي بنته اسرائيل يلامس عمليا حدود الـ 67، وعليه لا يمكن سوق الادعاءات امام حكومة اسرائيل في كل ما يتعلق بالحدود الغربية. فهذه الحدود تحددت عملياً من قبلها. والادعاءات الوحيدة القابلة للتطبيق تتعلق بمناطق الضفة الغربية. هناك كما هو معروف، ما زال السجال محتدما، وعلى ضوء ما ذكر، لن يمكننا التعامل بلامبالاة ازاء ظهور اللواء احتياط، في المؤتمر الصحفي، واعتبار الامر يمثل رأي شخص منفرد. بل علينا التعامل مع كلامه كما لو انه كلام صادر عن مبعوث ظهر باسم مجموعة معينة تختبئ في هذه المرحلة وراء اللواء احتياط، وتريد مواصلة سياسة الانسحاب مباشرة بعد الانسحاب من غوش قطيف الذي خلف جرحا عميقا جداً ليس لدى عشرات الاف المستوطنين الذين طردوا من بيوتهم فحسب، بل ايضا لدى مئات الاف سكان الدولة الذين يشتركون بدورهم في ألمهم.
وألم هؤلاء أكبر بأضعاف مع الكشف عن الخطة التي بدأت تنسج لمواصلة طرد عشرات الاف اليهود من ارض ابائهم في اطار "خطة السلام"، التي قدمها اللواء احتياط، الذي هو رسول "صانعي السلام" الذين هم رسل ارييل شارون ورفاقه المقربين في احزاب اليسار، كما اشير آنفا، الامر لا يتعلق برأي شخص منفرد، حتى وان قدّم اللواء احتياط دايان الأمر على هذا النحو. بل ثمة جهات سياسية مستترة في أروقة الحكومة والكنيست تقف وراءها، لا يتعين كشف هذه الجهات فحسب، بل يجب أيضاً عل كل ما هو ممكن لتفكيك هذه الخطط قبل أن تنجح في التبلور.

مصادر
هتسوفيه (الدولة العبرية)