من خارج التاريخ تظهر صورة بعض العمائم على الفضائيات العربية .. ومن خارج الزمن تريد فرض قانونها عبر المرئيات الفضائية .. فشريط أيمن الظواهري الذي بثته إحدى الفضائيات العربية لا يريد محاسبة التاريخ الحديث فقط، بل تكريس الظاهرة المرئية للتطرف ..

أيمن الظاهري يفترض أن المسلمين لا يعون الدرس التاريخي، ولا يعرفون أن الضعيف يبقى مجالا للانتهاك، لكنه يمارس انتهاكا لعقل المشاهدين عندما يتحدث عن حروب صليبية، وعن "الخلافة" التي سقطت على يد الإنكليز، وكان الخلافة لم تكن "شرعا" ساقطة وسط صراع المصالح الدولية.

ومن جديد فإن أيمن الظاهري يتحدث بمطلقات الحق والقوة، ويسرد الإدانة للولايات المتحدة، وكأن الأجيال التي تعيش الحدث لا تعرف مدى الظلم الذب نعانيه من الانتهاكات من قبل واشنطن و ... من قبل أدعياء الحق المطلق، بعد أن تحول العالم لساحات تطرف ما بين من يسميهم الظاهري الصليبيين، أو الطرف الآخر الذي يصر على محاكمة الواقع بعقلية القرن الرابع الهجري.

الفضائيات العربية عبر السبق الصحفي أصبحت مجال الصراع المرئي لحالات التشويش، وغدت الليبرالية نقاشات حادة بين أطراف يتوعدون بعضهم، فنفس الفضائية التي بثت شريط الظواهري قدمت جملة من المقابلات شمل بعضها عبارات "الذبح" و "القتل" و "التكفير" لم هم خارجين عن "الحق المطلق".

وإذا كان اليوم ايمن الظاهري قادرا على الوصول للملايين من خلال الفضائيات الوسع انتشارا، فإن هذه الليبرالية تقتل نفسها ببطء مع إحساس المجتمعات بأنها تسمع الشتائم جهارا للولايات المتحدة، ووفق صورة تحاول، ولو عبر عبارات مبهمة، تأكيد هوية تلاعب المخيال الاجتماعي.

في الحدث الحالي لا يمكن إعادة عجلة التاريخ .. وفي الصراع المحتدم على قمة التطرف لا نستطيع وقف انهيار "الخلافة" أو برجي التجارة العالميين .. فالتاريخ هو للنظر ولا يمكن استعادته، وربما يكون امتلاك المستقبل هو الحل ولكن .. دون الظاهرة المرئية القادمة من غياهب التاريخ.

مصادر
سورية الغد (دمشق)