اقر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، بان «ضراوة" التمرد في العراق، اكبر بكثير مما كان يتصور، الا انه اكد ان القوات البريطانية ستبقى في العراق حتى انتهاء مهمتها في بناء دولة.
وقال بلير لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي)، امس: «لم اتوقع هذه الضراوة من كل واحد من العناصر التي جاءت من الشرق الاوسط وتفعل كل ما بوسعها لعرقلة العملية السياسية», لكنه اكد انه لم يكن ليتردد اليوم في اتخاذ القرار نفسه الذي اتخذه عام 2003 لاطاحة نظام صدام حسين، لان مستقبل العراق «مهم لامننا وامن العالم».
ورفض بلير تاكيد ما جاء في تقرير لصحيفة «الاوبزرفر»، بان بريطانيا والولايات المتحدة ستقدمان وثيقة للبرلمان العراقي الشهر المقبل، للبدء في سحب القوات البريطانية بحلول مطلع مايو المقبل, وقال: «لم اسمع بهذا»، موضحا ان التقرير ربما كان يشير الى المناقشات المستمرة منذ فترة طويلة بين التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والحكومة العراقية في شأن مستوى مشاركة القوات متعدددة الجنسية في العراق مع تزايد قدرات قوات الامن.
واوضح «ان الموعد الزمني للانسحاب يتوقف على استكمال المهمة», واضاف ان مهمة بريطانيا وشركاءها في التحالف هي المساعدة على تطور المؤسسات الديموقراطية العراقية والسماح للعراق ببناء قواته الامنية «حتى لا نضطر نحن للقيام بذلك».
ونفى ايضا ما جاء في «الاوبزرفر»، بان بريطانيا ابلغت اليابان انها ستسحب قواتها من العراق, وقال «لم يتم تحديد موعد للانسحاب, الحلفاء جميعا يتبنون الموقف نفسه».
وكانت الصحيفة ذكرت ان برنامجا سيقدم للبرلمان العراقي الشهر المقبل يحتوي على «خريطة طريق تشمل نقاطا مفصلة لفك الارتباط العسكري للقوات متعددة الجنسية»، مشيرة الى ان اول مرحلة في هذه العملية ستدخل حيز التنفيذ بعيد الانتخابات التي ستجرى في العراق في ديسمبر.
وقالت المصادر نفسها ان بريطانيا ابلغت اليابان «في جلسات خاصة» مشروعها بدء الانسحاب من جنوب العراق في مايو، الامر الذي سيكون من شانه استحالة بقاء 500 جندي ياباني منتشرين في هذا القطاع حاليا, وقد تزايدت التكهنات حول مستقبل القوات البريطانية في العراق بعد الحادث الذي شهدته البصرة اخيرا حيث قام الجيش البريطاني باسترداد اثنين من رجاله بالقوة من الشرطة العراقية التي كانت تحتجزهما.
وجاءت تصريحات بلير قبل بدء المؤتمر السنوي لحزب العمال الذي يتزعمه والذي يتوقع ان تتم خلاله مناقشة مسألة العراق.
وافاد استطلاع للرأي اجراه معهد «يوغوف» واعلنت محطة التلفزيون «فايف نيوز» نتائجه امس، ان 57 في المئة من البريطانيين يرون ان القوات البريطانية يجب ان تنسحب من العراق مقابل 27 في المئة يعتقدون انها يجب ان تبقى في هذا البلد.
ونقلت «الاوبزرفر» عن وزير الدفاع جون ريد، ان «النقطتين اللتين اريد ان اشدد عليهما في البرنامج (الانسحاب) هما انه ليس حدثا بل عملية وهذه العملية يجب ان تطبق بسرعات مختلفة في مختلف مناطق البلاد», اما صحيفة «صنداي تلغراف»، فقدمت رؤية مختلفة للامر، بقولها ان وزارة الدفاع «تخطط لنشر عدد كبير من الجنود في العراق حتى يناير 2008 على الاقل».
وذكرت «صنداي تايمز»، ان الجنديين اللذين اطلق سراحهما بطريقة مثيرة في هجوم على مركز للشرطة العراقية في الاسبوع الماضي، كانا جزءا من فريق يقرب تسلل المسلحين من ايران, ونقلت عن مصدر لم تكشف عنه، ان جنود القوات الخاصة كانوا متمركزين قرب البصرة منذ اسابيع، يتعقبون مزودي القنابل الخارقة للدروع والذين يعتقد انهم جاءوا عبر الحدود القريبة مع ايران.
واضاف المصدر: «منذ زيادة الهجمات ضد القوات البريطانية قبل شهرين، بدأ فريق قوامه 24 فردا من القوات الخاصة في العمل انطلاقا من البصرة لتوفير شبكة امان لمنع المفجرين من الدخول الى المدينة من ايران, الهدف هو تحديد الطرق التي يسلكها المتمردون واما اعتقالهم او قتلهم».
من ناحية ثانية، قال بلير ان الشرطة يجب ان «تقوم بكل ما يلزم» لوقف من يشتبه في انهم انتحاريين بما في ذلك اطلاق النار عليهم بهدف قتلهم, واعرب عن دعمه الكامل لرجال الشرطة الذين اثاروا ضجة عندما قتلوا برازيليا بريئا عقب موجة التفجيرات التي شهدتها لندن في يوليو الماضي.
وردا على سؤال حول ما اذا كان يعلم بالسياسة الجديدة الصارمة للشرطة، قال: «لا اعتقد ان احدا جاء الي وطلب مني رسميا الموافقة على سياسة» شرطة لندن, واضاف: «لكن لو كان ذلك حصل، لقلت ان هذه هي بكل تاكيد هي السياسة الصحيحة», واضاف ان «الشرطة تواجه مواقف صعبة للغاية، وفي هذه الظروف عليهم ان يتخذوا الاجراءات اللازمة».
وتابع «اذا كان هناك اي خطر على العامة من قيام شخص بتفجير انتحاري، عليهم ان يفعلوا كل ما يلزم لمنع ذلك واعتقد ان الناس يتوقعون منهم ذلك», الا ان رئيس الوزراء رفض وصف تلك السياسة بعبارة «اطلاق النار بقصد القتل» لانه لا يحبذها.

مصادر
الرأي العام (الكويت)