شكلت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الخاطفة الى القاهرة ولقاؤه نظيره المصري حسني مبارك امس الأول تحركاً رسمياً سورياً عالي المستوى على الصعيد الخارجي منذ زيارته أوائل العام الجاري الى موسكو.

وكشفت أوساط سورية قريبة من القصر الرئاسي لـ"صدى البلد" أن لقاء الأسد ــ مبارك كان مثمراً تم خلاله استعراض مواقف ووجهات نظر الطرفين. ولفتت المصادر الى أهمية المبادرة السورية بخصوص العراق والتي تدل على حسن نوايا دمشق في إبداء التعاون مع الولايات المتحدة في هذا الخصوص. واعتبرت الأوساط السياسية السورية في حديثها لـ"صدى البلد" أن دمشق كانت دائماً مع الحوار في العلاقات الأميركية ــ السورية باعتبارها أفضل الأساليب والطرق للوصول الى نتائج مفيدة للطرفين.

وأكدت مصادر دبلوماسية عربية لـ"صدى البلد" أن مصر أبدت حماساً للعب دور الوسيط بين واشنطن ودمشق وان الرئيس مبارك سيكلف وزير خارجيته احمد أبو الغيط نقل الرسالة السورية الى واشنطن. كما قالت المصادر السورية أن الرئيس الأسد أطلع نظيره المصري على نتائج وسير عمل لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري مع الشهود السوريين, وأكد مجدداً جدية تعاون دمشق في الكشف عن الجناة في إطار السيادة والشرعية الدولية.

وأعلنت مصر عقب الزيارة دعمها القوي لسورية في مواجهة الضغوط الدولية, اذ اكدت رفضها عزل سورية او استباق نتائج التحقيق الدولي في اغتيال الحريري بتوجيه "اصابع الاتهام اليها".

وقال الناطق باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد للصحافيين بعد محادثات مبارك ــ الاسد التي استمرت قرابة ساعة ونصف الساعة, ان "الطرح المصري يرفض عزل سورية". وكان مسؤولون اميركيون اعلنوا اخيرا ان واشنطن تسعى لعزل سورية التي تتهمها بعدم التعاون لمنع تسلل مسلحين الى العراق وبالتدخل في الشؤون اللبنانية وبمساندة التنظيمات الفلسطينية المعارضة المسلحة.

وحذر عواد من ان اي مساس باستقرار سورية سيؤدي الى عدم استقرار في منطقة الشرق الاوسط وقال: "ان استقرار سورية هو استقرار المنطقة" والرئيس مبارك "معني باستقرار سورية". ودعا عواد اكثر من مرة الى "عدم فتح بؤر توتر جديدة في المنطقة" مشيرا الى انها "مليئة (حاليا) ببؤر التوتر" ولا تحتاج الى المزيد منها.

ودعا عواد الى عدم استباق نتائج التحقيق الدولي الذي يقوده القاضي الالماني ديتليف ميليس في قضية اغتيال الحريري والتسرع "بتوجيه اصبع الاتهام الى سورية", وقال: "ليس من الحكمة بل من الخطأ أن يشير اي طرف باصبع الاتهام الى سورية او غيرها قبل ان يرفع تقرير لجنة التحقيق الدولية الى الامم المتحدة". وشدد على انه "من الخطأ الجسيم ان يسارع اي طرف باطلاق اي تكهنات قبل رفع التقرير" الى الامم المتحدة في تشرين الاول المقبل. واضاف ان "سورية اعلنت تعاونها الكامل مع المحقق الدولي ميليس وهي تتعاون بحسن نية معه" معتبرا ان "هذا التعاون السوري يفتح الباب امام انتهاء المحقق الى تقرير مستقل يرفع الى الامم المتحدة".

وأكد عواد ان مبارك "يشجع سورية على مواصلة التعاون الكامل مع لجنة التحقيق الدولية". ورفض من ناحية ثانية تأكيد أو نفي التقارير التي تشير الى وساطة مصرية ــ سعودية لتخفيف الضغوط على سورية. وقال "لا يفضل كثيرا الحديث عن وساطات ومبادرات". ولكنه أضاف "ما أريد الحديث عنه هو جهود جارية ومستمرة تبذل من قبل الرئيس حسني مبارك لاستمرار تعاون سورية مع لجنة التحقيق الدولية من اجل ان تتم تسوية الموقف سريعا" موضحا ان مبارك "معني باستقرار العلاقة السورية ــ اللبنانية وبإعادة العلاقات السورية ــ اللبنانية الى طبيعتها". وردا على سؤال عما إذا كانت مصر تعمل بالتعاون مع السعودية قال عواد: "اننا نتعاون بشكل دائم مع الأطراف كافة بما في ذلك الجانب السعودي". وغادر الرئيس الاسد القاهرة فور انتهاء محادثاته مع مبارك.

مصادر
صدى البلد (لبنان)