لم تستهوني مي شدياق حتى اللحظة الأخيرة التي شاهدت صورة الدم فيها، والسيارة التي حطمها الانفجار ... اعجبت بها لأنها قذفت بي مع الانفجار إلى اللعبة السياسية والأنثى تكره الألاعيب. وصورة انتهاك "الهيبة" التي بدأت قبل عصور بالإناث لتصبح اليوم موتا مجانيا يحصد الأجساد، ويجتث معها الحنين إلى إشراقة المستقبل.

ما بين هدى ومي مساحة الموت فقط ... لكنهم ضحايا الجنون الذي يجتاح "بني عبس" ويشعل حرب البسوس على أشلاء الإناث .. والذكور أيضا إنما بمعان مختلفة ... وصورة الموت التي رافق مي شدياق لم تكن غبارا في وجه لجنة التحقيق، مع الاعتذار من وزير الإعلام اللبناني، بل هي اصفرار الموت داخل مجتمعات لم تعد ترى سوى التحدي الأحمق وبقايا صور الماضي، ثم تعيش شيخوخة المستقبل.
اغتيال "مي شدياق" من المفترض أن يؤطر عمل لجنة التحقيق لأنه يساعدها على "التخمين"، الذي أصبح موضة السياسة، لكنه أيضا يحد من خيالنا عندما نفكر في القادم، لأن الاغتيال يعبر عن نفسه باختصار الحياة إلى دم حار وأعصاب باردة.

مسألة الاغتيال لم تعد حدثا سياسيا ... إنها الثقافة التي تؤسس نفسها اليوم داخل شرائح الهزيمة، وفي قلب العجز الذي يصاحب العقل صباحا ومساء ثم نلعن الموت وكأنه العدو الذي يشكل مساحته داخل أجسادنا.

ومسألة الاغتيال تخلق الضجيج عندما نتعرف على الضحية، بينما تبقى صامتة عندما تحصد اللون الذي نريده سواء بالقتل والتصفية، أو بالانتظار والتجاهل ...

ليس هناك رابط منطقي بين هدى ومي سوى الخيال الذي أريده اليوم لأن القتل المجاني يتركني لصحراء "التجسيد" ... يلفني بالصقيع ... فأخاف المستقبل رغم شوقي إليه.