تل أبيب بين الإخفاق في التطبيع وخطر التصعيد مع "حماس"

أخطار التصعيد الإسرائيلي في الرد على حماس، وفرص فوز مروان البرغوثي في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، وفشل دبلوماسية تل أبيب في الوصول إلى التطبيع، والعلاقات الملتبسة بين الرؤساء الأميركيين وقادة الدولة العبرية... قضايا نعرض لها ضمن جولة أسبوعية في الصحافة الإسرائيلية.

"إغراء التصعيد"

بهذا العنوان استهلت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء متناولة التطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية، خصوصا قيام حركة "حماس" بإطلاق صواريخ "القسام" على إسرائيل. ومع أن الصحيفة تعترف لإسرائيل بحق الرد على مثل هذه الأعمال التي تهدد بتقويض الهدنة بين الجانبين، إلا أنها تحذر من استئناف عملية الاغتيالات الموجهة التي تستهدف رموز وقيادات حركة "حماس". وتشير الصحيفة إلى عجز تلك السياسات عن تحقيق الغرض المنشود منها، حيث أدت عمليات الاغتيال إلى رفع أسهم حركة "حماس" في قطاع غزة جاعلة منها منافساًَ حقيقياً لحركة "فتح". ففي الوقت الذي سينجح الرد الإسرائيلي في إرهاق حركة "حماس" وحرمانها من قياداتها، إلا أنه سيرفع من شعبية الحركة، لا سيما والانتخابات التشريعية على الأبواب. وهو ما يحتم على إسرائيل، حسب الصحيفة، أن تتعامل مع موضوع الاغتيالات بحذر شديد كي لا تجد نفسها في النهاية مجبرة على التعامل مع "حماس". وتذكر الافتتاحية أن الانسحاب من غزة وإقامة حدود فاصلة بين إسرائيل والقطاع يفرضان على هذه الأخيرة احترام تلك الحدود وعدم انتهاك سيادة السلطة الفلسطينية. ولم يكن ضرورياً، حسب الصحيفة، ما قام به الجيش الإسرائيلي من تدمير لإحدى المدارس التابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة، رغم أنها كانت خالية، لأنه من شأن تلك العمليات أن تؤجج العنف من جديد، وهو ما ليس في مصلحة كلا الطرفين.

"الأمل الوحيد لحركة فتح"

كتب المعلق الإسرائيلي "داني روبنشتاين" مقالة في "هآرتس" يوم الإثنين الماضي تطرق خلالها إلى الانتخابات التشريعية الفلسطينية المزمع عقدها أواخر شهر يناير المقبل. وقد ركز الكاتب على موضوع الناشط الفلسطيني وعضو حركة "فتح" مروان البرغوثي إذ يعتبره قارب النجاة الوحيد المتبقي للحركة وورقتها الأخيرة بعدما فقدت الكثير من مصداقيتها جراء تهم الفساد التي تطارد بعض أعضائها الموجودين في السلطة. كما أن اكتساح "حماس" بخطابها الإسلامي والجهادي للساحة السياسية وبروزها كمنافس عنيد لمرشحي "فتح" جعل من مروان البرغوثي أحد المرشحين المنافسين القادرين على هزيمة "حماس". وبالرغم من تصاعد الأصوات المطالبة بالإفراج عنه، فإنه من المستبعد القيام بذلك في ظل الصراع السياسي الذي تشهده إسرائيل حالياً داخل حزب "الليكود". وحسب الكاتب يعتبر مروان البرغوثي أهم مناضل في حركة "فتح" وأكثرهم شعبية في الشارع الفلسطيني نظراً لقضائه حكماً بالمؤبد داخل السجون الإسرائيلية. ويشير إلى أنه منذ أن تم اعتقاله وهو يحظى بمساندة قوية من الرأي العام الفلسطيني. ففي استطلاع للرأي أجري في يونيو 2004 تفوق على قائد "حماس" محمود الزهار في الدعم الذي حظي به من الشارع الفلسطيني. وطيلة فترة مكوثه في السجن كان البرغوثي على اتصال بزملائه ويقوم بإسداء النصائح للمناضلين، كما دأب على نشر البيانات السياسية في الجرائد الفلسطينية كل يوم اثنين وخميس. لذا لم يكن غريباً أن تفصح حركة "فتح" عن عزمها وضع اسمه على قائمة المرشحين في الانتخابات التشريعية المقبلة.

"الاستفادة من الدبلوماسية"

خصصت "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء للحديث عن التحول في الموقف الدولي تجاه إسرائيل والذي تبدى بشكل واضح خلال زيارة أرييل شارون لنيويورك على هامش انعقاد اجتماع القمة العالمية. وحسب الصحيفة، فإن الترحيب الكبير الذي استقبل به رئيس الوزراء الإسرائيلي في الأمم المتحدة، لم يكن نتيجة العمل الدبلوماسي الإسرائيلي والجهود التي بُذلت في هذا الاتجاه، بل كان في الأساس نتيجة انصياع الدولة العبرية للإرادة الدولية وقيامها بما كان العالم يطلبه منها منذ أكثر من 38 عاماً. لذا فإن ما حصلت عليه إسرائيل من إشادة وقبول جاء نظير انسحابها من قطاع غزة وتفكيكها للمستوطنات، ولا يمكن إرجاع ذلك إلى الدبلوماسية لأنها طيلة الفترة السابقة لم تحقق أي اختراق لجهة تحسين صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي. وحسب الصحيفة، فإن المحك الحقيقي للدبلوماسية ليس في أن تنال تعاطف العالم، لأنك تقوم بما يريده منك، بل أن تنال تعاطفه حتى في حالة معارضتك لمنطقه، وهو ما عجزت عن تحقيقه إسرائيل في نظر "جيروزاليم بوست". وللتدليل على ذلك تستعرض الصحيفة الأهداف التي كان قد وضعها وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم والمتمثلة في تطبيع العلاقات مع عشر دول إسلامية، والعمل على وضع "حزب الله" على قائمة الإرهاب الخاصة بالاتحاد الأوروبي، ثم منع "حماس" من المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة. وعلى الرغم من الجهود التي بُذلت لتحقيق هذه الأهداف، فإنها باءت بالفشل.

"لماذا يصوت بوش على شارون؟"

حاول الكاتب الإسرائيلي "ألون بينكاس" في مقاله المنشور بصحيفة "يديعوت أحرنوت" يوم الأحد الماضي أن يلامس طبيعة العلاقات التاريخية التي جمعت بين الرؤساء الأميركيين ورؤساء الوزراء في إسرائيل. فحسب الكاتب تميزت هذه العلاقات بالتداخل، حيث كان كل طرف يسعى للتأثير على الطرف الثاني. وفي هذا السياق يذكر الكاتب كيف سعى جورج بوش الأب إلى الإطاحة برئيس الوزراء إسحاق شامير لصالح غريمه إسحاق رابين. وبالصورة ذاتها حاول الرئيس بيل كلينتون دعم شيمون بيريز في انتخابات 1996 كما أنه لم يخف معارضته لبنيامين نتنياهو. وقد سارع هذا الأخير لموازنة معارضة البيت الأبيض إلى ترسيخ علاقته مع "الجمهوريين" في الكونجرس، ومحاولته الإطاحة بالرئيس كلينتون خلال تورطه في فضيحة مونيكا لوينسكي. ويرجع هذا التداخل في العلاقات بين إسرائيل ورؤساء الولايات المتحدة، في نظر الكاتب، إلى الظروف السياسية التي تميز كل فترة رئاسية أميركية. فعلى سبيل المثال يسعى الرئيس بوش حالياً من خلال مساندته لشارون إلى إثبات التزامه بإقامة الدولة الفلسطينية بعد انسحاب إسرائيل من غزة.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)