عبر تصريحات كوندليزا رايس يظهر الطريق المسدود، والتقارير الإعلامية العربية تتحدث عن خضوع السياسة الأمريكية لرغبات إسرائيل .. ويبدو أن الأفق المسدود في العلاقات الدولية داخل الشرق الأوسط وصل إلى ذروته مع ظهور مقالات في الصحف الأمريكية عن مخططات لضرب سورية.

لكن الجدل الدولي المتجدد حول الشرق الأوسط لا يقف عند الحد المرسوم له منذ احتلال العراق، فالولايات المتحدة بمحافظيها الجدد ربما تجد في ترابط رؤيتها مع السياسة الإسرائيلية قوة إستراتيجية، في وقت ترى فيه أن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة غير قادرين على صياغة علاقات متوازنة ..

الصورة الأمريكية بقيت في حالة بناء مستمر وصولا إلى الرأي الثقافي السائد اليوم داخل الدوائر الأمريكية، والمبني أساسا على انهيار الثقة بمجتمعات وليس بأنظمة.. هذه الصورة يمكن ان تصبح أوضح إذا حاولنا النظر إلى العمق الأمريكي وليس فقط إلى الممارسات السياسية في الشرق الأوسط.

"الخضوع الأمريكي" لسياسات إسرائيل يحمل في عمقه أزمة ثقة بين المجتمعات العربية والعالم.. فهو ليس مقتصرا على الولايات المتحدة، فالأنظمة السياسية بالمفهوم العام، ومهما حاولنا تحميلها أخطاء مراحل سياسية، هي في النهاية نتاج اجتماعي وليست بنية فوقية تم استيرادها من الخارج. "والخضوع الأمريكي" يقابله نظرة أخرى تريد "إخضاع" الأمريكي عبر صورة غريبة من حالات "الجهاد".

الخضوع الثاني أصبح واقعا اليوم بعد أن تبنى الإعلام العربي عموما فكرة السبق الصحفي عبر نشر أخبار الجماعات الساعية لإخضاع واشنطن بـ"العمامة".. لكن في النهاية فإن كسر الطوق الأمريكي ليس مهمة سياسية، ولا يرتبط بمفاهيم غريبة عن السياسة الدولية..
الولايات المتحدة لا تخضع لدول العالم، مثلما ترفض دول العالم الخضوع لها.. وإذا كانت المجتمعات العربية غير قادرة على رسم ثقافتها بشكل يوازي حجم التضخم الأمريكي عسكريا وسياسيا فإنها لن تجد طريقا سوى إخضاع نفسها للرغبات الدولية.

مصادر
سورية الغد (دمشق)