وجه وزير الداخلية اللبناني حسن السبع الاتهام الى النظام الأمني السوري اللبناني المشترك متوقفاً عند كل من الطابع الشبحي لهذا النظام والطابع المتشعب لشبكاته التي تشمل أمنيين وحزبيين وإعلاميين ومصرفيين كما قال. كشف وزير الدفاع اللبناني الياس المرّ ما سبق كتمانه، وهو تعرضه لتهديدات من قبل الدكتور في التاريخ رستم غزالي. أما رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة فقد سبقهما مساء الأحد الى الحديث عن عدو يريد سلب لبنان استقلاله من جديد، في حين لم يسبق للبنان الرسمي أن صنّف كعدو الا ألمانيا النازية يوم أعلن الحرب عليها قبل ساعات من هزيمتها، ودولة اسرائيل التي أعلن الحرب عليها بعد ساعات من قيامها. أما الآن، فإن جزءاً من لبنان الرسمي، هو لبنان الأغلبية البرلمانية والحكومية، يقوم بتصنيف طرف خارجي ما كعدو غير اسرائيل، وغير ألمانيا النازية. النتيجة المنطقية لهذا التصنيف هي الاستعداد لشن الحرب على هذا العدو الذي يشن حربه، على طريقته، من جانب واحد. مع ذلك، سيجري وصمك بالجنون أو تصنيفك حارس أرزة ان دعوت لإعلان الحرب على الطرف الذي حدّده جزء من لبنان الرسمي، بعد محاولة اغتيال الزميلة مي الشدياق مباشرة، كعدو.

نطق وزير الداخلية اللبنانية بالحق: ثمة فارق أساسي بين مجرم الحق العام الذي يترك أثراً يجري اقتفاؤه للإمساك به، وبين الارهابي المحترف. نسي أن يضيف أن ثمة فارقا مهما أيضاً بين ارهاب الجماعات وبين ارهاب الدولة التي تعلن حرباً سرية انتقائية على مواطنين في دولة أخرى. من هنا نسي أن يضيف أن ارهاب الدولة المعادية وإن كان لا يستدل عليه بأثر يتركه المجرم في ساحة الجريمة، فإنه يرد عليه بإعلان التعبئة العامة والاستعداد لإعلان الحرب.

هذا التلازم بين تصنيف دولة أو فريق في دولة ما في خانة العداوة وبين الاستعداد اإعلان الحرب على هذه الدولة أو هذا الفريق هو أبسط مقدمات علم السياسة. مع ذلك، فإن أقصى من يتجرأ الآن على كشف فضائح وفظائع هذا <<العدو>> (الذي هو <<العدو>> وكفى في تصريح الرئيس السنيورة، أي من دون نسبته الى جنسية معينة)، يسقط من حسابه أبسط مقدمات علم السياسة: العدو هو تعريفاً من ينبغي الاستعداد لإعلان الحرب ضده.

المقدمة الأولى في علم السياسة: التلازم بين تصنيفك لطرف ما عدواً وبين التعبئة العامة استعداداً لشن الحرب ضده. المقدمة الثانية: ان معيار سيادتك هو قدرتك، ليس بالضرورة على اعلان الحرب، وإنما قدرتك على ابتغاء هذه الحرب، والاستعداد لها، ما دام الطرف المناوئ معادياً لك. ما لم تتأمن لك إرادة الاقتدار هذه فأنت فاقدٌ لسيادتك. النتيجة الطبيعية لمقابلة الوضع اللبناني مع هذه المقدمة هو أنه، بما أنك تصنف عدواً ولا تتأهب لمحاربته، فإن من غير السليم منطقياً ما تقوله: لا يمكن العدو أن يهدد سيادة لم تستحصل عليها بعد، فالسيادة تعريفها أنه يمكنك محاربة من تصنفه أنت عدواً.

إن كان ثمة عدو فهو لا يهددك في سيادة لم تنلها بعد. إن كان الأمر كذلك فإن عدوك غير مستوف لشروطه كعدو، وبالتالي لا بد من التعامل معه مجدداً كمجرم حق عام لا كعدو. ثمة أمر من اثنين: إما أن تقتفي أثر يتركه خصمك ان صنفته كمجرم حق عام، وإما أن تهمل ذلك لإعلان التعبئة العامة والتأهب للحرب ان كنت تصنفه عدواً. الفيصل بين الأمرين هو توجيه لبنان شكوى رسمية الى المرجعية الدولية ممثلة بمجلس الأمن: عندها فقط يمكن التكلم عن عدو.

مصادر
السفير (لبنان)