صخب سياسي في مؤتمر "العمال"... ولا لسحب القوات البريطانية من العراق

ركزت الصحف البريطانية هذا الأسبوع على مؤتمر حزب "العمال"، وعلى الوجود العسكري البريطاني في العراق، كما تطرقت أيضاً إلى موضوع الملف النووي الإيراني.

بلير في مواجهة بلير

هكذا عنونت "التايمز" افتتاحيتها أمس الأربعاء، والتي تناولت فيها خطاب توني بلير في مؤتمر حزب "العمال" البريطاني يوم الثلاثاء. الصحيفة رأت أن بلير قدم في خطابه طرحاً متماسكاً موجهاً في المقام الأول إلى المستمعين في قاعة المؤتمر وليس إلى الجمهور العريض خارجه، وأن الخطاب قد بدا كما لو كان يمثل الخطوط العريضة للسيرة الذاتية لبلير. وأبرزت الصحيفة ما قاله بلير عن أن العولمة قد فرضت تحديات خطيرة على تيار "يسار الوسط" الذي يمثله الحزب، وأن الحزب كان مضطراً للاستجابة لتلك التداعيات، لأن التصدي لها ومعارضتها كان معناه أن الحزب يحكم على نفسه بالأفول وافتقاد الأهمية تدريجياً. وأشارت الصحيفة إلى ما تضمنه الخطاب عن نية بلير لتدعيم الإصلاحات في مجال الخدمات العامة ودفاعه عن العلاقات الأنجلو- أميركية، وعن استمرار الوجود العسكري البريطاني في العراق.

"الطريق الخطر والصحيح مع ذلك"

اختارت صحيفة "الصنداي تلغراف" هذا العنوان لافتتاحيتها المنشورة الأحد الماضي، والتي أشارت فيها إلى المظاهرات التي اندلعت في لندن مطالبةً بسحب القوات البريطانية من العراق في أقرب وقت ممكن، وخصوصاً بعد الأحداث التي وقعت هناك خلال الأسبوع الأخير. وترى الصحيفة أن بريطانيا لا يجب أن تقوم بسحب قواتها من العراق إلا بعد أداء مهمتها هناك، وأن الأخطاء التي تم ارتكابها في بلاد الرافدين منذ بداية الاحتلال، والتي تمثلت في تسريح الجيش والشرطة العراقيين كانت هي السبب في المتاعب التي تواجهها القوات البريطانية في البصرة والتي تصاعدت وتيرتها بشكل لافت في الفترة الأخيرة وأنها أي تلك الأخطاء هي التي سمحت الآن بتسرب بعض العناصر التي تدين بالولاء للنظام السابق إلى صفوف قوات الشرطة هناك كما ترى أيضاً أن الحادث الذي تابع العالم تفاصيله كان مدبراً من قبل عناصر في تلك القوات تريد اختبار مدى صبر البريطانيين. ودافعت الصحيفة عن الطريقة التي تصرفت بها القوات البريطانية، وقالت إنها لو كانت تصرفت بأسلوب آخر لكان معنى ذلك أن العناصر المتطرفة قد كسبت نقطة مهمة في المواجهة مع تلك القوات، وحذرت في الوقت ذاته من سحب القوات البريطانية في الوقت الراهن، لأن ذلك سيترك هذا البلد لمستقبل مجهول، كما سيبعث برسالة سلبية لكافة الشعوب المقهورة، وبرسالة مطمئنة لـ"الإرهابيين الإسلاميين" على حد وصفها والذين تقول إنهم يطوفون أرجاء الكرة الأرضية ساعين لبسط إرهابهم، ورؤيتهم الفاشية على العالم.

"إجراءات صارمة لمقاومة الإرهاب"

كتب "آلان ترافيس" محرر الشؤون الداخلية في "الجارديان" تقريراً أمس تناول فيه ما قاله وزير الداخلية البريطاني "تشارلز كلارك" في كلمته أمام مؤتمر حزب "العمال" البريطاني، والتي تعهد فيها باستخدام قانون مكافحة الإرهاب للدخول في مواجهة صريحة ومباشرة مع" التطرف الذي لا يعرف حدوداً" ورفض مقولة إن قيام الحكومة بتغيير سياساتها في العراق، أو قيامها بسحب قواتها من هناك سوف يجعل بريطانيا آمنة من خطر هذا التطرف. ونقل المحرر عن كلارك قوله "إن المحافظين يستغلون موضوع الهجرة وزيادة معدل الجريمة في بريطانيا في القيام بواحدة من بأكثر الحملات الانتخابية في التاريخ البريطانية من حيث عدم القبول والخبث". كما أشار إلى الوعد الذي قدمه بأنه بحلول موعد الانتخابات العامة القادمة سيكون قد قام بـ"استئصال كافة مظاهر السلوك المناوئ للمجتمع"، وأدخل نظاماً للهجرة أكثر إنصافاً، معترفاً في الوقت ذاته أن أجندته في هذا الخصوص وإنْ كانت طموحة للغاية إلا أنها ليست غير قابلة للتحقيق بحال، وأن الغرض منها منع "المحافظين" من استثمار الموقف لصالحهم في الانتخابات القادمة، وقوله إنه سيمضي قدماً في تنفيذ الإجراءات الخاصة بضرورة حيازة كل فرد في بريطانيا على بطاقة هوية ونفيه أن ذلك سيؤدي إلى تحويل بريطانيا إلى دولة بوليسية. ومن ضمن الإجراءات المثيرة للجدل والتي قام الوزير باقتراحها ذلك الخاص بمد فترة احتجاز الأشخاص المشتبه في كونهم إرهابيين قبل أن يتم توجيه اتهام رسمي إليهم، وإن كان لم يذكر فترة الثلاثة شهور التي كان قد اقترحها من قبل تحديداً، مكتفياً بالقول إن الهدف من مد هذه الفترة هو إعطاء الشرطة والمحققين "الوقت والقدرة اللازمة لهزيمة شبكات الإرهاب".

"لا تنخدعوا بالخطاب الإيراني"

تحت هذا العنوان كتب "راي تقي" مقالا في "الفاينانشيال تايمز" الثلاثاء الماضي يقول فيه إن إدارة بوش قد نجحت بعد ممارسة الكثير من الضغوط، وسياسات ليِّ الأذرع، في الحصول على قرار من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يدين إيران بعدم الامتثال للالتزامات التي ترتبها عليها اتفاقية حظر الانتشار النووي، مضيفاً أن امتناع كل من روسيا والصين ومعهما الكثير من دول عدم الانحياز عن التصويت على القرار، وكونه لم يحدد تاريخاً يتم عنده تحويل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن قد قلل من تأثير القرار. ويقول الكاتب إن الرؤية التي يتبناها الكثيرون من المسؤولين في أوروبا وأميركا ومؤداها أن التلويح بالعقوبات، والقرارات التي تتخذها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بغرض جس نبض إيران يمكنها أن تؤدي في المدى الطويل إلى تشكيل ضغط يدفع الحكومة الإيرانية للتروي والقيام في نهاية المطاف بتعليق برنامجها النووي. والكاتب يرى أن تلك الرؤية تعتبر بمثابة قراءة خاطئة للغاية للطريقة التي تعمل بها الحكومة الإيرانية الجديدة تحت زعامة محمود أحمدي نجاد، وأن انتخاب نجاد المعروف بصرامته قد أدخل إيران في عصر ستكون لها فيه توجهات دولية تسعى إلى تأكيد المصالح الإيرانية وصرف النظر تماما - إلى حد اللامبالاة ربما- عن الانتقادات الغربية.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)