لم يكتب هذه الكلمات داخل دفاتره المخبأة في ماضيه ... لكنني كنت قادرة مع استمرار الأيام معرفة الكثير، وكشف الموت الذي أصاب تاريخه فتخلى عن رغبة القنص التي يتوارثها الذكور منذ "حقبة الصيد" وحتى اللحظة.

كيف ماتت رغبة القنص .. ربما بالكبت الذي يواجهه، لكنني متأكدة بأن هذه العادة انتهت لحظة أراد أن يتبنى الحداثة ... ماذا حدث بعد ذلك؟!

رغبة القنص تحولت إلى إشارات استفهام دائمة، وأسئلة وقلق وربما موت بطيء بعد أن نسي كيف يعود لغريزته الأساسية ... لم يعد يطارد النساء لكنه امتهن مطاردة الأسئلة التي لا أجوبة لها لأنها حالة تعويض فقط عن "ذكورته" المبنية على حس "القنص".

ربما يستغرب الجميع أنه غير قادر على مجاراة "الأحاديث" الجنسية التي تنفجر في مجتمع الرجال، وتنقلب تهذيبا حادا بحضور أي أنثى، لأن أدوات القنص تبدلت ... وعمليات قهر الأنثى من خلال الابتذال الجنسي كان يرفضها ... لكن السؤال هل كان يستمتع بسماعها؟ إنه أحد الأسئلة التي ستبقى معلقة مادام "الذكر المودرن" لا يجد ذكورته الضائعة بعد أن انتهى عصر القنص.

الزاوية المضيئة في حياته هي وهم السعادة عندما يشاهد من لم تمسه "الحداثة"، فزوجته خرجت من الحريم بينما الآخرون مازالوا يعيشون داخل هذا الزمن الرمادي ... وابنته قادرة على الحراك دون وجل بين فتيات يتخوفن من إظهار رغباتهم .. وهم السعادة في أنه يجسد "القلق" وعدم القدرة على الاقتناع بأنه ليس متفردا ...

وهم السعادة لا ينسحب من أمام عينه لأنه مازال يعيش زمن القنص وهم جالس في "مغارته" يحسد الآخرين على "المتعة" اليومية التي يغتصبونها داخل إيقاع الحياة.

الأنثى لا تحتاج إلى "ذكر مودرن" .... لأنه يذكرها بزمن الطرائد عبر رفضه الدائم لهذا الزمن ... الأنثى تحتاج إلى الواقع الطبيعي الذي يضمن الاختيار للجميع ... عندها ينتهي زمن القنص ... وتنتهي معه الرغبات المكبوتة.