صراع محتدم في كورسيكا... ومصالحة وطنية في الجزائر
الصراع القائم بين حكومة دوفيلبان وبعض النقابات في جزيرة كورسيكا، واستفتاء المصالحة في الجزائر، وعراقيل محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ونتائج استفتاء حزب الليكود، موضوعات أربعة نستعرضها في جولة سريعة في الصحافة الفرنسية.
سوقيو كورسيكاهذا العنوان اللاذع اختارته صحيفة لوفيغارو لافتتاحيتها ليوم أمس السبت وقد خصصتها للاحتجاجات التي تشهدها جزيرة كورسيكا والتي يقودها بعض النقابيين رفضاً لتخصيص جزء من ممتلكات الدولة في "الشركة البحرية لكورسيكا والبحر المتوسط". وترى الصحيفة أن بعض قادة المحتجين تحولوا إلى أوغاد حقيقيين، يريدون من الدولة الفرنسية كل شيء على طبق من ذهب، ولكنهم في السر يلعنونها ويعتبرونها "مستعمِرة" لجزيرتهم، ولا يتورع الأكثر تطرفاً وانفصالية منهم عن مساعدة من يطلقون النار على عناصر الأمن الوطني الفرنسي، أو من يغتالون حكام المقاطعات في الجزيرة، أو يطلقون قذائف كيفما اتفق على المباني الإدارية المملوكة للدولة. كما خصصت الصحيفة افتتاحية أخرى للموضوع نونتها "غرق دولة"، تحدثت فيها عن إخفاقات الشركة المذكورة ودواعي خصخصتها، مبرزة من خلال ذلك ما اعتبرته مصاعب تواجه الاقتصاد الفرنسي تحتاج حلولاً غير تقليدية، حتى لو اقتضى ذلك إجراء عمليات جراحية قيصرية قاسية على بعض شركات القطاع العام، وهنا يأتي دور رئيس الوزراء دومينيك دوفيلبان ليثبت أنه أهل للثقة التي وضعت فيه قبل عام تقريباً.

وعلى ذكر هذا الأخير كتب أليكسيس بريزيه افتتاحية أخرى في عدد الجمعة تحدث فيها عن التحديات التي تواجه الوزير الأول. ويرى بريزيه أن على دوفيلبان أن يعرف أنه يتحرك في أرض غير مفروشة بالورود، وأن "شهر العسل" قد انتهى الآن، كما أن العجز المتفاقم في ميزان المدفوعات الفرنسي لابد من عمل الكثير لتلافيه، ثم لابد بعد ذلك من تدخل حقيقي من الحكومة يجعلها تنشغل في شيء آخر غير صراعات أعضائها على مستقبل الوراثة السياسية لمرحلة ما بعد شيراك، التي بدأ الحديث عنها يأخذ في الكواليس زخماً يزداد يوماً بعد يوم. وفي موضوع ذي صلة كتب دانييل شنايدرمان مقالاً ساخراً في صحيفة ليبراسيون بعنوان:"فيلبان- ساركوزي: مسلسل... يتبع"، تحدث فيه عن بعض أبعاد تجاذبات أبناء "الأسرة الشيراكية"، التي بلغت ذروتها الآن بين "الوريث" دوفيلبان، و"الثائر" ساركوزي، وحلقات "المسلسل" مستمرة من هنا وحتى الرئاسيات القادمة، التي بدأت حملتها الآن على ما يبدو في وقت مبكر، ومبكر جداً.

المصالحة وتفريغ الذاكرة

الاستفتاء الذي شهدته الجزائر يوم الخميس الماضي كان موضوع افتتاحيات ومقالات رأي عديدة في مختلف الصحف الفرنسية. صحيفة لوموند في افتتاحية يوم الجمعة (أول من أمس) تحدثت عن دلالات هذا الاستفتاء باعتباره محاولة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لإعادة تعويم المشروع السياسي الساعي إلى إنهاء أكثر من عقد من العنف الذي حصد أكثر من 150 ألف جزائري. وترى الصحيفة أنه مع نسبة مشاركة وصلت إلى 80% لا يمكن التشكيك في مصداقية هذا الاستفتاء، ولا في صحة نتائجه. إذ من يستطيع أن يقول أصلا "لا" للمصالحة والسلام الاجتماعي في بلاد اكتوت بنار العنف والتمرد الداخلي؟ والحقيقة أن الرئيس بوتفليقة منذ وصوله للسلطة سنة 1999 وهو يدفع في هذا الاتجاه ساعياً لإقناع قطاعات واسعة من الجزائريين بتغليب لغة الصفح ونسيان الماضي لأن ذلك شرط للخروج من دوامة العنف والعنف المضاد، وللخروج من دائرة الانتقام والثأر العبثية التي لن تفيد لا المتورطين فيها ولا الضحايا سواء بسواء. وترى لوموند أن الجزائر في مسعى المصالحة الوطنية الذي تخوضه يمكن أن تستفيد الكثير من الدرس الجنوب أفريقي، الذي تلا نهاية عهد الابارتايد. كما تشير الصحيفة إلى ضرورة اتباع خطوات مصالحة خارجية أيضاً بالتوازي مع المصالحة الداخلية في إشارة إلى التجاذبات التي تطفو على السطح بين حين وآخر في العلاقات الفرنسية- الجزائرية على خلفية إعادة محاكمة الماضي الفرنسي الاستعماري في الجزائر، مع المحافظة في نفس الوقت على إعادة الاعتبار للعلاقات الواسعة بين الشعبين، وطي صفحة الماضي بينهما والتطلع إلى المستقبل، لأن هذا الأخير هو وحده ما يمكن المراهنة عليه.

تركيا على الهامش

تحت هذا العنوان كتب حسن زروقي مقالاً تحليلياً في صحيفة لومانتيه خصصه للعراقيل التي نهضت فجأة الآن في وجه انطلاق محادثات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، وهذه المرة لسوء الحظ ظهر لاعب آخر فجأة في العملية هو النمسا التي ألقت بمزيد من الشروط والعراقيل أمام العضوية التركية، لتأتي معززة الطرح الذي يرفضه الأتراك جملة وتفصيلاً والقاضي بإعطائهم معاملة تجارية خاصة عوضاً عن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وعلى ما يبدو أن المسيرة من أنقرة إلى بروكسل لن تعرف نهاية قريبة طالما أن ثمة في القارة الأوروبية من يستطيع الظهور في أية لحظة والمناورة بهذا العرض البديل أو الشرط التعجيزي أو ذاك للحيلولة بين تركيا وبين الدخول في الحظيرة الأوروبية التي سعت إليها طويلاً دون جدوى. وعلى وجه المقارنة يقول الكاتب لو قارنا مؤهلات تركيا "المسلمة" وكرواتيا "المسيحية" فإن الكفة قد تميل بكافة المعايير الاقتصادية والاستراتيجية لصالح أنقرة، ولكن الإرث الثقافي والأحكام المسبقة هما ما يرجح كفة زغرب دون كثير من التفكير لدى القادة الأوروبيين.
شارون يتنفس الصعداء في مجلة لوبوان خصص دانييل كريغل عمودا لأبعاد الصراع على زعامة حزب ليكود اليميني الحاكم في إسرائيل. ويقول الكاتب إن شارون أثبت خلال الاستفتاء الأخير أن طرحه ما زال قادراً على إقناع قطاعات واسعة من اليمين الإسرائيلي، بأجندته الحالية حتى لو بدت لغلاة المستوطنين وأنصارهم من متطرفي الحزب تراجعاً عن خطه المتعارف عليه. وفضلا عن الشعور الغامر بالسعادة الذي يجتاح الأوساط القريبة من شارون بعد التغلب على خصمهم العنيد نتانياهو فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية يستطيع أيضاً التعويل الآن على كسب مزيد من الوقت للمناورة قبل حلول موعد الانتخابات التشريعية في عام 2007. ولكن الكاتبة لا ترجح أن يستسلم نتانياهو الذي بدأ مبكراً عملية التحضير للانتخابات الأولية العام المقبل.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)