حذر رئيس مجلس الشورى الإيراني غلام علي حداد عادل اسرائيل من ارتكاب "حماقة" بضرب المنشآت النووية في بلاده، مؤكداً ان طهران "ستلقنها درساً لن تنساه أبداً". ولم تقتصر محادثات المسؤول الإيراني في دمشق على العلاقات الثنائية في ظل "الحملات" على سوريا وايران، إذ نوقشت فيها أيضا قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. ونقل مصدر إيراني عن الرئيس السوري بشار الأسد تأكيده عدم ارتكاب بلاده هذه الجريمة. كذلك التقى حداد عادل مسؤولي الفصائل الفلسطينية في دمشق.

وكان الأسد رأس جلسة لمجلس الوزراء شدد فيها على أن الأساس في مواجهة الضغوط التى تتعرض لها سوريا هو "الوحدة الوطنية المتينة والثقة بالنفس وبعدالة المواقف التي تتخذها دمشق تجاه ما تتعرض له المنطقة العربية من حروب واستمرار للاحتلال والعدوان ومحاولات مكثفة لاضعاف العرب وزعزعة استقرارهم". وقال ان "استقلالية القرار السياسي السوري مبنية على قدرة سوريا على تعزيز طاقاتها التنموية واستثمار موقعها الاقتصادي والجغرافي المهم أفضل استثمار".

وأوردت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" ان الاسد استقبل المسؤول الإيراني والوفد المرافق له في حضور رئيس مجلس الشعب السوري محمود الأبرش وسفير ايران لدى دمشق محمد رضا باقري. وقالت :"تناول الحديث خلال اللقاء علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين البلدين ووسائل تعزيزها في كل المجالات، وخصوصاً في المجال البرلماني. كما جرى عرض الاوضاع الراهنة فى المنطقة وما تتعرض له سوريا وايران من حملات موجهة ضدهما". ونقلت وكالة "الأسوشيتد برس" عن عضو في الوفد الإيراني ان الأسد أبلغ إلى حداد عادل ان هدف الضغوط على دمشق وطهران "التهويل على البلدين، وهذا أمر لن يحصل أبداً". وأضاف الرئيس السوري ان بعض القوى الدولية يسعى إلى عزل إيران وسوريا ووضعهما في حال من الخوف والقلق الدائم.

ان الأسد أثار قضية اغتيال الحريري وأوضح مكرراً براءة سوريا منها. وقال ان من خططوا لقتل الحريري أرادوا "إيجاد شق بين لبنان وسوريا وتوسيع دائرة التوتر في المنطقة".

وكان حداد عادل صرح بان هدف زيارته لدمشق هو توجيه رسالة سورية - إيرانية بأن "العلاقات بين البلدين تبقى قوية".

وبعد لقائه الأبرش في اجتماع منفصل، قال رئيس مجلس الشورى الإيراني انه "إذا قامت اسرائيل بحماقة وعمل يدل على الجنون بضرب مفاعلنا النووي كما حصل مع العراق عام 1981، فسنلقنها درساً لن تنساه". وأضاف ان "الشعب الايراني مستقل وقام بثورته بشجاعة وهو مصمم على المضي في تحقيق اهدافها، ولن يستسلم امام الطغاة". وسئل عن المشروع النووي الايراني، فأجاب :"نحن بلد عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطبقنا تعليماتها بشكل تلقائي ومن دون‌ أي تدخل وهدفنا بناء الثقة مع العالم وابداء حسن نيتنا للاستفادة من الطاقة النووية لاهداف سلمية. سمحنا لمفتشي الوكالة ‌الدولية بزيارة منشآتنا، ولقد زارنا اكثر من 1200 مفتش، لكنهم لم يجدوا اي دليل يفيد أننا نسعى إلى الوصول من خلال برنامجنا النووي الى سلاح عسكري". واعتبر ان احالة الملف النووي على الامم المتحدة ستكون "نوعاً من ممارسة الضغوط علينا، و نحن في ايران لن نستسلم امام غطرسة الاعداء". وميز حداد عادل بين المقاومة والارهاب، إذ "لا يصح ان يوصم الاحرار في فلسطين الذين يدافعون عن بلادهم بالارهابيين".

أما الأبرش، فقال ان العلاقات السورية - الإيرانية "تأتي فى اطار التوجه السياسي الذى تبنته الدولتان على قاعدة من الاتفاق في القضايا ذات الاهتمام المشترك ومن اجل تحقيق الامن والاستقرار والسلام اقليمياً ودولياً ورفض الاحتلال ومنطق القوة والعدوان والهيمنة ومصادرة القرار الدولي وسياسة الابتزاز والضغوط التي يحاول البعض فرضها على الساحة الدولية". ولاحظ ان :"لدينا امثولة حية في منطقتنا على ارهاب الدولة المنظم الذي يمارسه الاحتلال الاسرائيلي يومياً في فلسطين والجولان ومزارع شبعا اللبنانية، بالإضافة الى ما يعانيه الشعب العراقي من مآس وويلات نتيجة الاحتلال".

والتقى حداد عادل في مقر السفارة الإيرانية في دمشق رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل والامين العام لحركة "الجهاد الاسلامي" رمضان عبد الله شلح والامين العام لـ"الجبهة الشعبية - القيادة العامة" احمد جبريل والامين العام لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" نايف حواتمة والامين العام لـ"جبهة النضال الفلسطينية" خالد عبد المجيد والامين العام لـ"الحزب الشيوعي الفلسطيني" عربي عواد وعضو المكتب السياسي لـ "جبهة التحرير الفلسطينية" علي عزيز والناطق باسم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في الخارج ماهر الطاهر.

وصرح الطاهر :"جرى نقاش حول الوضع الفلسطيني حيث نقل حداد عادل تهاني ايران للفلسطينين بالانسحاب الاسرائيلي من غزة. تحدثنا عن الوضع الفلسطيني والمعاناة في الاراضي الفلسطينية وأكدنا ان غزة ليست المطاف الاخير وحق العودة وعودة اللاجئين". وقال :"اكدنا خلال اللقاء ان سوريا تتعرض لضغوط خارجية نتيجة مواقفها السياسية الى جانب القضية الفلسطينية، كما أكدنا تنسيق كل القوى التي تتعرض للهجمة الخارجية من ايران الى سوريا ولبنان والفلسطينين".

وأوضح حداد عادل انه نوقشت سبل مواجهة "أعدائنا، الولايات المتحدة واسرائيل ومخططاتهما"، مشدداً على "دعم إيران ومساندتها للشعب الفلسطيني"، مشيرا الى ان "اللقاء خرج بنتائج طيبة وبناءة بالنسبة إلينا واليهم".

وأعلن أن بلاده "ستعقد مؤتمراً لدعم القضية الفلسطينية، من غير أن يحدد تاريخه".

على صعيد آخر، أكد رئيس هيئة أركان الجيش والقوات المسلحة السوري العماد علي حبيب عمل بلاده لتحقيق السلام العادل والشامل فى المنطقة استناداً الى قرارات مجلس الامن، مشيراً إلى الدور "الفاعل والحيوي" الذي تضطلع به سوريا في المنطقة "في ضوء كل ما يجري فيها من أحداث، وخصوصاً تلك التي تجري في فلسطين والعراق ولبنان في ظل الاحتلال والفوضى".

مصادر
النهار (لبنان)