ثُبت عمليا وواقعيا ان أحدا في المنطقة له مصلحة في عزل سوريا أو زعزعة الاستقرار السياسي والامني فيها وفق ما تطرح ادارة جورج بوش‚ ذلك ان اكثر من عاصمة عربية ودولية ابلغت واشنطن موقفها الرافض لهذا التوجه لسببين: الاول ان عزل سوريا وزعزعة الاستقرار الداخلي فيها سيعني إثارة حالة من الفوضى العارمة في الشرق الاوسط‚ وهو أمر يمكن ان يخلق تداعيات ستهدد الامن والاستقرار الاقليميين‚ والثاني ان التجربة الاميركية في العراق تبدو غير مستبقة بالنسبة لهذه الاطراف وهي لا تريد رؤية «الفوضى العراقية» تنقل الى عاصمة عربية اخرى ومن ثم الى عواصم اخرى.

ويبدو ان الادارة الاميركية قرأت جيدا هذه المواقف مما دفعها الى اجراء نوع من المراجعة لما طرحته من خطط ومشاريع بالرغم من ان هناك اصرارا من قبل واشنطن على ان مشروع الشرق الاوسط الكبير هو الوسيلة المثلى لجلب الديمقراطية والاصلاح السياسي الى دول المنطقة.

وكان لافتا ــ في هذا السياق ــ ان الباحثين الاميركيين المشاركين في المؤتمر السنوي لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الاوسط «واينبرغر» والذي تناول قضايا الديمقراطية والارهاب والاصلاح في المنطقة قد خلصوا الى نتيجة مفادها ان «العرب لا يريدون الديمقراطية وهم غير قادرين على ممارستها» الامر الذي يقود الى الاستنتاج بأن ادارة بوش تواجه مأزقا حتى في صلب تفكيرها الاستراتيجي بالرغم من ان صموئيل ساندي بيرغ المستشار السابق للأمن القومي الاميركي يرى أن هذه النظرة خاطئة ولا بد من المضي قدما في المشروع.

واذا كانت سوريا ما تزال موضوعة على رأس الاجندة الاميركية في الشرق الاوسط فان السؤال الذي يطرح نفسه هو: الى اي مدى تستطيع الولايات المتحدة ان تؤثر على حركة التغيير في سوريا من خلال قنوات الاتصال المباشر مع القوى الديمقراطية كما يطالبها بذلك ساندي بيرغ المشارك في مؤتمر «واينبرغر»؟

إن الاستنتاجات الاميركية تبدو غير واقعية لأن الشيء الواضح حتى الآن أن الولايات المتحدة ما تزال «مترددة» في حسم خياراتها ازاء العديد من القضايا الكبرى في المنطقة وهي لا تستطيع ان تتجاهل حقيقة ان اطلاق السلام على المسار السوري ــ الاسرائيلي قد يكون مدخلا ناجحا لتحسين صورتها لدى دول الشرق الاوسط وليس من خلال تنظيم حملة علاقات عامة دون اي فائدة.

مصادر
الوطن (قطر)