أفاد البيان الرسمي الفلسطيني عن تحقيق حركة فتح نجاحاً نسبياً في الجولة الثالثة من انتخابات السلطات المحلية في الضفة الغربية، التي جرت نهاية الاسبوع الماضي، أن هذا النجاح موضع شك.
بحسب المعطيات الرسمية التي صدرت، نالت حركة فتح 53 % من مقاعد المجالس المحلية، بينما نالت حماس 26 % فقط. لكن لو فحصنا عدد المصوتين للحركتين لتبين أن حماس نالت عدداً أكبر بكثير من الأصوات.
في جميع الأحوال، من الواضح أن حركة حماس هي القوة الصاعدة في الجمهور الفلسطيني يتعلق الأمر بحركة متجذرة جيداً بين الناس، ونهاية الاسبوع الماضي قال عدد من المتحدثين باسم حماس: "أعداؤنا يحاولون أن يلصقوا بنا صورة المتعصبين الارهابيين على طريقة القاعدة، لكن الحقيقة هي أننا حركة مقاومة وطنية مشروعة".
الجيش الاسرائيلي، الذي قام خلال الاسبوعين الأخيرين بتصفية فلسطينيين في الضفة وغزة، مس بشكل خاص ناشطي الجهاد الاسلامي وأعضاء كتائب الأقصى التابعين لحركة فتح، وليس أعضاء حماس، في مقابل ذلك، فإن الأغلبية الكبيرة من بين المعتقلين الأربع مائة الذين جرى اعتقالهم خلال الأيام الماضية في الضفة مرتبطون بحركة حماس.

العديد من المعتقلين يُعتبرون ناشطين سياسيين وغير مرتبطين بالنشاط التخريبي، وعلى رأسهم حسن يوسف من رام الله ومحمد غزال من نابلس. كلاهما ينتمي إلى الجناح المعتدل في حماس، وحتى إن غزال سبق له أن صرح مؤخراً عن امكانية تغيير ميثاق حماس الذي يرفض حق وجود اسرائيل.

بقدر ما يمكن تكوين انطباع من رد فعل الشارع الفلسطيني على التصفيات والاعتقالات، فقد أدت هذه العمليات إلى مضاعفة المرارة تجاه اسرائيل، كما كان متوقعاً، لا سيما وأنه بين الذين جرى تصفيتهم ولد من مخيم بلاطة، وفتيين إثنين على الأقل لم يكن لهما أي علاقة بالعمليات. والأمر الذي لا يقل أهمية هو حقيقة ان الاعتقالات ألحقت على ما يبدو ضرراً بمكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

فالكل يعلم أن ابا مازن وزملاءه في قيادة فتح يخشون من نجاح حماس في انتخابات المجلس التشريعي، التي من المتوقع أن تجري نهاية كانون الثاني. على هذه الخلفية بدأوا اذاً التحدث في الشارع بالضفة الغربية عن أن الاعتقالات هي جزء من المؤامرة التي حيكت بين أبو مازن وأرييل شارون، والتي تهدف إلى ضرب حماس واضعافها قبيل الانتخابات. هذا الكلام يلحق الضرر الفادح برئيس السلطة ورجاله.
ثمة نتيجة أُخرى للاعتقالات، ربما أكثر أهمية، وهي أن من شأن حركة حماس التوجه نحو مزيد من العمل السري هذا يتناقض بشكل تام مع الخطة التي وضعتها السلطة الفلسطينية لمواجهتها. فأبو مازن يحاول تشجيع حماس على وقف العمليات والتحول إلى حزب سياسي، وهو أحرز نجاحاً معيناً في هذا المجال، مثل الاتفاق على وقف النار الذي تُعتبر حماس شريكة فيه، والمشاركة في الانتخابات البلدية والبرلمانية. وفي نظر القيادة الفلسطينية، هذه مرحلة هامة في طريق حماس للقبول باتفاق أوسلو والمشاركة في العملية السياسية التي معناها الاعتراف بدولة اسرائيل.

الاعتقالات الجماعية كتلك التي حصلت نهاية الاسبوع الماضي، وكذلك التصفيات ، تعيد حماس إلى الوراء وتعزز التيار المتشدد فيها. وبما أن الحديث يدور عن حركة تحظى بالتعاطف الجماهيري، ممنوع أن تكتسب حرب اسرائيل ضدها طابعاً عسكرياً فقط. فالحرب العسكرية الكلية لن تجدي نفعاً، العكس هو الصحيح، لأنها ستُضعف فتح وأبو مازن وتعزز المعارضين لهم.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)