دلالات تثبيت زعامة شارون على حزب الليكود، والدعوة إلى مساعدة حماس للتحول إلى العمل السياسي، وبداية السنة العبرية الجديدة، والعلاقات الخاطئة بين الاقتصاد والسياسة موضوعات نتطرق لها بإيجاز ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية:

عام المنعطفات: خصصت صحيفة ’’هآرتس’’ افتتاحيتها المنشورة يوم الثلاثاء للحديث عن دلالات تصويت اللجنة المركزية لحزب الليكود في 26 سبتمبر الماضي لصالح شارون، حيث تعتقد أن فوز شارون جاء ليحدد الملامح العامة للسياسة الإسرائيلية خلال السنوات المقبلة• ولعل أهم المعاني السياسية التي أفصح عنها التصويت هو قبول حزب الليكود بفكرة إخلاء المستوطنات والانسحاب من قطاع غزة، فضلا عن الإقرار بضرورة إقامة حدود فاصلة بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية• وبالرغم من أن أعضاء اللجنة المركزية في الحزب صوتوا لشارون ليس لأسباب أيديولوجية، بل خوفا من فقدانهم لمناصبهم، إلا أن ذلك لا يخفي معرفتهم التامة بموقف الشعب الإسرائيلي الذي ساند في عمومه قرار الانسحاب• وبهذا تكون اللجنة المركزية لحزب الليكود، حسب الصحيفة، المرآة الآمنة التي تعكس المواقف الحقيقية للإسرائيليين• غير أن هذه النتيجة التي توصل إليها شارون جاءت بعد سنوات من الفرص الضائعة• ولئن كان من غير المناسب مطالبة شارون بإبداء ندمه على تلك السنوات، فإن الصحيفة تدعو شارون لمواصلة جهوده الدبلوماسية، والاستمرار على الخط الذي رسمه لنفسه بإجراء المزيد من الانسحابات من الأراضي الفلسطينية• وتعتقد الصحيفة أن الإيماءات التي أطلقها رئيس الاستخبارات العسكرية والمستشار الإعلامي لرئيس الوزراء بشأن إجراء انسحابات أخرى أحادية لم تكن من قبيل الصدفة، لأنها تنبثق من رغبة أكيدة لدى إسرائيل بترسيم حدودها الدائمة مع الفلسطينيين، وقرب موافقتها على قيام دولة فلسطينية طال انتظارها•

مساعدة حماس: وقد تناول ’’داني روبنشتاين’’ في المقال الذي كتبه يوم الإثنين الماضي في صحيفة ’’هآرتس’’ موضوع مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية المقبلة داعياً إلى ضرورة إدماجها في الحياة السياسية خلافا لدعاوى بعض السياسيين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء نفسه الذي يرفض مشاركة حماس• ويرى الكاتب أنه لم يعد ممكنا تجاهل حركة حماس لما تتمتع بع من شعبية كبيرة لدى الشعب الفلسطيني• كما يؤكد الكاتب على أن حماس بدأت تغير مؤخرا من خطابها السياسي، وتخفف من نبرته الحادة تجاه إسرائيل• وفي هذا السياق يورد الكاتب تصريحا أدلى به المتحدث الرسمي باسم حماس في الأسبوع الماضي يقول فيه ’’يحاول أعداؤنا أن يلصقوا بنا صورة تشبهنا بالقاعدة، غير أننا حركة مقاومة وطنية تتمتع بالشرعية’’• وأمام هذا الإصرار على الابتعاد عن القاعدة وخطها الأيديولوجي، لم يستهدف الجيش الإسرائيلي رموز أعضاء حركة حماس طيلة الفترة السابقة• كما أن الغالبية العظمى من معتقلي حماس لدى إسرائيل هم من الناشطين السياسيين، ولا علاقة لهم بالإرهاب، بما في ذلك محمد غزال من نابلس الذي يعتبر أحد الناشطين المعتدلين داخل حركة حماس• وللتدليل على التغيير الذي بدأ يطرأ على موقف حماس يورد الكاتب تصريحاً لمحمد غزال دعا فيه إلى ضرورة تعديل ميثاق حركة حماس الذي ينكر على إسرائيل حقها في الوجود• وليس الجانب الإسرائيلي فقط من يسعى إلى مساعدة حماس للانخراط في العمل السياسي، بل حتى محمود عباس يريد من حماس التخلي عن سلاحها والتحول إلى حزب سياسي•

سنة ديمقراطية: بمناسبة حلول سنة 5765 من التقويم العبري والتي توافق السنة الميلادية الجارية تطرقت صحيفة ’’جيروزاليم بوست’’ في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي إلى أهم الأحداث التي ميزت السنة الفائتة• وحسب الصحيفة يشكل رحيل الرئيس ياسر عرفات أهم حدث، إذ أطلق الأمل مجددا في استئناف السلام بعد سنوات عديدة على غياب محاور فلسطيني ملتزم بالسلام في نظر ’’جيروزاليم بوست’’• كما كادت السنة الجارية تعصف بالتوافق الإسرائيلي عندما قرر شارون المضي قدماً في تنفيذ خطة فك الارتباط الأحادي• والغريب بالنسبة للصحيفة أن الشخصية التي كانت حتى سنوات قليلة متورطة في عمليات بناء المستوطنات هي التي قادت عملية الإخلاء• وبالرغم من التخوفات التي أطلقها البعض بمن فيهم شارون نفسه عن احتمال اندلاع حرب أهلية داخل إسرائيل على خلفية طرد اليهود من منازلهم، إلا أن جميع تلك التوقعات المتشائمة أثبتت عدم صحتها• وإذا كان الشارع الإسرائيلي قد انقسم على نفسه بين معارض للانسحاب وموافق عليه، فإن موقفه ظل منسجما حيال مواصلة بناء الجدار العازل الذي من المؤمل أن يرسم الحدود النهائية لدولة إسرائيل• وتعتقد الصحيفة أنه بالرغم من الانتقادات التي وجهت لشارون، إلا أنها كانت دائماً تعارض التدخل العنيف في قرارات الدولة التي تم التوصل إليها عن طريق الأساليب الديمقراطية•
أكاذيب فك الارتباط: بهذا العنوان استهل الكاتب الإسرائيلي شول روزنفيلد مقاله المنشور يوم الثلاثاء في صحيفة ’’يديعوت أحرنوت’’ وقد تناول فيه الإحصاءات الأخيرة التي أصدرها المكتب المركزي للإحصاءات بإسرائيل وأشار فيها إلى ارتفاع معدل النمو الاقتصادي خلال هذه السنة إلى ما يقارب 5,1%، وهو الخط التصاعدي الذي يشهده الاقتصاد الإسرائيلي منذ •2003 لكن وبخلاف بعض التحليلات التي ترجع هذا الانتعاش الذي يعرفه الاقتصاد الإسرائيلي إلى انفراج الأوضاع السياسية بعد توقف الانتفاضة والتوصل إلى هدنة مع الجانب الفلسطيني، يعتقد الكاتب أن تحسن الأوضاع السياسية لا يؤدي بالضرورة إلى تقدم في الأداء الاقتصادي• كما يدعو الإسرائيليين إلى عدم الانخداع بحالة التهدئة التي تعم الأجواء في هذه اللحظة، لأن للاقتصاد، حسب رأيه، يحتكم إلى آلياته الخاصة• ويعتقد الكاتب أن بنيامين نتنياهو، وزير المالية السابق في حكومة شارون كان أول من صرح بعدم وجود علاقة سببية بين الأداء الاقتصادي والأجواء السياسية، وقد تعرضت تصريحاته تلك للاستهزاء من قبل وجوه بارزة من أمثال يوسي ساريد وشيمون بيريز اللذين كانا يصران على تأثير خطة فك الارتباط في انتعاش الاقتصاد الإسرائيلي• وقد أثبت نتنياهو أنه طيلة الفترة التي تولى فيها منصب وزير المالية تحسن الاقتصاد بشكل ملحوظ رغم وجود الاضطرابات السياسية•

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)