يرى الإسرائيليون شارون ومحمود عباس في أحلام وهما يوقعان على اتفاق سلام في العام القادم بين دولتي إسرائيل وفلسطين، متصافحين بحرارة وسائرين يداً بيد نحو الأفق.

حسب آخر استطلاع أجراه مركز ترومان في الجامعة العبرية يتبين أن 67 في المئة من مواطني إسرائيل اليهود، و63 في المئة من مواطنيها العرب يؤيدون الاعتراف المتبادل بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي وبفلسطين كدولة للشعب الفلسطيني. استطلاع مقابل أجراه مركز الابحاث الفلسطيني برئاسة الدكتور خليل الشقاقي أظهر نسبة تأييد مشابهة (63 في المئة) عند الفلسطينيين في الضفة والقطاع وفي شرقي القدس.

ولكن عندما ينهض الإسرائيليون من سباتهم على الواقع الأمني والسياسي القائم ـ تتوقع أغلبيتهم استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال العام القادم أيضاً. حسب الاستطلاعات التي جرت في اطار الدراسة نفسها يتبين أن 5 في المئة من الإسرائيليين فقط و(25 في المئة من الفلسطينيين) يتوقعون بأن تستأنف المفاوضات في السنة القادمة، وأن تتوقف العمليات. 37 في المئة فقط من الإسرائيليين (30 في المئة من الفلسطينيين) يعتقدون أن قيادة الطرف الآخر جاهزة للحل الشامل.

أغلبية الإسرائيليين (59 في المئة)، وأغلبية الفلسطينيين (53 في المئة) يعتقدون أن شارون قادر على تمرير التسوية في الطرف الإسرائيلي اذا تم التوصل اليها. في المقابل يعتقد نصف الفلسطينيين تقريباً أن محمود عباس قوي بدرجة تكفي لاقناع شعبه بتأييد التسويات المطلوبة. 18 في المئة من الإسرائيليين فقط يعتقدون أن الشعب الفلسطيني سيقف من وراء أبو مازن في ذلك.
معنى ذلك أن المشكلة لا تكمن في جوهر الحل لأن هذا الحل معروف إذ أنه يتراوح بين مقترحات كلينتون ورؤية بوش. العقبة الأساسية على طريق التسوية حتى بعد أن مات ياسر عرفات ـ اللاشريك، ما زالت تكمن في انعدام ثقة مواطني إسرائيل بجارهم الفلسطيني.

على الرغم من أن فك الارتباط عن غزة كان خطوة أحادية الجانب، إلا أن الواقع الجديد الذي سينشأ هناك في السنة القادمة سيؤثر بدرجة حاسمة على مقياس الثقة بين الجانبينن. نجاح الحكم المركزي في فرض النظام والقانون وإعادة بناء الاقتصاد وإدخال اصلاحات، قادر على اقناع الجمهور الإسرائيلي بأن هناك شريكاً في الطرف الآخر. في المقابل يؤدي عجز السلطة في مواجهة العصابات المسلحة والمتعصبين الدينيين واستبدال الاحتلال بالفوضى، الى فقدان سكان كفار سابا لرغبتهم في النهوض في صبيحة اليوم التالي مع دولة فلسطينية من الجانب الآخر للشارع.

من المحظور أن يترك جدول الأعمال السياسي فراغاً سياسياً بأي شكل من الأشكال. مثل هذا الفراغ قد يؤدي الى نشوب رياح مستطيرة. ليس مثل السنة القادمة التي ستكون أول عام من دون الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة لبناء الثقة بين الطرفين. لن يكون على الفلسطينيين وحدهم أن يكونوا مستقيمين في هذه السنة، وأن يفوا بكل التزاماتهم في خريطة الطريق، وإنما يتوجب على إسرائيل أيضاً أن تتصرف باستقامة وأن تكسب ثقة جيرانها من خلال الوفاء بالتزاماتها، خصوصاً في مجال سلب الأراضي والمس بحقوق الإنسان في الضفة.

بهذه الطريقة فقط نستطيع أن نزيل الشكوك بأن غزة أولاً هي غزة أخيراً. الأسرة الدولية أيضاً، برئاسة الولايات المتحدة وأعضاء الرباعية الدولية الذين أخذوا على عاتقهم مهمة تطبيق خارطة الطريق، ستضطر الى استغلال السنة القادمة للتطبيق النشط والمساعدة الاقتصادية السخية.

العام القادم لا يبشر بتحقيق الأحلام على ما يبدو، إلا أنه يمكن أن يكون عام المستقيمين.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)