هي محطات لا غير ... مجموعة من الساعات في زمن استثنائي ظهرت فيه "الثديات" على الكزكب الأزرق، ثم كانت سرعة الأيام نحو أنثى وذكر ... أو نحن ومضة من تاريخ الكون لكنها تحمل ذلك الوجع منذ الولادة وحتى الموت ... ماذا يفعل حور العين؟!

في اللحظات الأولى يمكن رصد انفجار الحياة، والبعض يتوهم أن هذا الانفجار يخبت تدريجيا، فإذا ما دخلت إحدى حور العين عقدها الرابع توقف الزمن وانتهى الخصب ... والبعض يتوهم أنه يستبدل بضاعته من الحور العين كلما حفر الزمن على وجهها خدش أو تعبير غضب ... لكن حور العين سيواجهن هذا الفضاء الذكوري بقتل "المتعة"، حيث يصبح الجنس فعل إنجاب لأمسخ مكررة تتناقلها الأجيال دون الحاجة لتقنية الاستنساخ.

الاندفاع نحو حور العين خلف ظاهرة تاريخية من عمر الكون الطويل ... هي ظاهرة لا غير تنشر السأم في أرجاء البيت الكبير، وتتكدس فوق الأمتعة ليصبح ضيق المكان ميزة إضافية لهذا العصر الذكوري. وعندما ينقلب التكوين القديم نحو ولادة الجديد داخل العائلات يتم اختصار الزمن بصرخة الطفل التي ستكون الأولى والأخيرة في عملية كسر الرتابة ... حيث يتولى "حور العين" إعادة تركيب الماضي في تفاصيل وجهه وعقله ليستمر "السأم" داخل الطيف الذكوري.

حور العين لا ينتظرن الشهداء القادمين، أو حالات المجون لرجال عصر الرومانسية البائد، فمع السأم تنشطر المساحات التي خلفتها عمليات الوجود الطويلة، وتصبح نوعا من الغبار الذي يخفي ملامحنا. وحور العين هن مسؤولات عن السأم الذي يحاصر الذكور ... يحاصر اللحظات التي تضم العاشقين وتنتهي في اللحظات يعترف كل طرف بشخصيته، فيندحر العشق أمام عدم القدرة على الخيال، واستمرار محطات العشق كحالة استثنائية خارج "السأم".

لن يحرر الذكور، وربما الوطن، من هذا السأم سوى القدرة على الخيال المنتقل ما بين عقلين ... ما بين العلاقات المحشورة في زوايا ميتة ... ولن يبدد السأم سوى الاعتراف الذكوري بـ"الأزمة" ... أزمة الوطن ... أزمة الثقافة ... وفي المحصلة أزمة "الانثى" داخل الزمن الذكوري.

إنها النرجسية التي أتمسك بها كي نتحرر من السأم ... فالإناث عاجزات عن اختراقه بعد أن أوجدوه انتقاما ... والذكور الهائمين وراء حور العين ينتظر لحظة الحسم ... لكن هذا الحسم لن يوجد إلى في "الخيال" أو "الإبداع" ... في الاعتراف بأننا نحتاج إلى لون جديد يكسر "الأزمة" مهما كان نوعها.