السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، على النحو الذي يحلو للمنظمات التابعة للنظام السوري ("الجبهة الشعبية – القيادة العامة" مثلاً)، هو موضع رفض يجمع عليه اللبنانيون من دون تمييز او تفرقة. من هذا المنطلق وجب على الاخوة الفلسطينيين، وتحديداً القوة العقلانية المتمتعة بقرارها الوطني الحر أن تبادر الى معالجة الموضوع في الشكل المنطقي والسلمي الذي يحفظ لنا نحن اللبنانيين كرامتنا الوطنية وسيادة قوانيننا على أرضنا من دون شراكة مع أحد، وفي الوقت نفسه يحفظ المشاعر الوطنية والقومية والكفاحية الفلسطينية في اطارها الصحيح بعيداً من كل توظيف خطر يمكن ان يقدم عليه النظام السوري في محاولته العبثية لاشعال الداخل اللبناني، اما انتقاماً من انتفاضة الاستقلال 2005، واما ظناً منه انه يستطيع حرف الحقيقة حول من قتل رفيق الحريري عن مسارها المؤدي الى المجرمين الارهابيين.

ولعل قضية السلاح الفلسطيني في لبنان التي باتت مسألة مثيرة للعجب في هذه المرحلة تفتح الباب واسعاً امام مناقشة وحوار بين اللبنانيين والاخوة الفلسطينيين حول الحقوق والواجبات التي يفترض ان تحكم وجودهم في بلادنا. فاذا كنا نرى في السلاح موضوعاً تخطاه الزمن وبات يقتل الفلسطينيين وحدهم، ويثير حفيظة اللبنانيين وحتى المدنيين الفلسطينيين، فإن الوجود الفلسطيني ينبغي ان يحظى برعاية اجتماعية واقتصادية "تقطع" مع المعاملة العنصرية التي تعرضوا لها خلال سنوات الوصاية والهيمنة السورية على لبنان. وكلنا يذكر المقولة – الفزاعة التي لطالما استخدمها النظام السوري في لبنان، والتي كانت تريد الايحاء أن بقاء المخيمات الفلسطينية مدججة بأسلحة متخلفة ومعدومة الوظيفة في المعادلة العسكرية مع اسرائيل هو لمنع التوطين ولاحقاق حق العودة وصد اي عدوان اسرائيلي. وان هذه "الفلسفة" حولت المخيمات بؤر توتر دائمة (الاشتباكات الداخلية بين الفصائل)، وحولتها خصوصاً بؤر بؤس مثيرة للخجل في عصرنا هذا.

ان اللبنانيين يشعرون بروابط اخوة قوية بالفلسطينيين، ويأملون منهم في ان يمتنعوا عن الدخول في أي محاولة يوظفهم النظام السوري او غيره لاثارة القلاقل في لبنان. فالحرية التي نالها الشعب اللبناني ولا يزال يناضل حتى اللحظة من اجل ترسيخها، هي في نهاية الامر فرصة ذهبية للفلسطينيين في لبنان يجدر بهم ان يقتنصوها للتحرر من ربقة مشاريع الوصاية الاستغلال والاستخدام التي اراقت من دمائهم، ونالت من كرامتهم الوطنية بقدر ما نال منهم المشروع الصهيوني نفسه، ان لم يكن اكثر.

ان السلاح الفلسطيني في المخيمات نفسها يثير حفيظة اللبنانيين، فكيف والحال هذه يكون موقفهم من سلاح ومسلحين يتدفقون الى ارضهم من الاراضي السورية عبر المعابر غير الشرعية، وينتشرون في اماكن لا علاقة لها بالكفاح من اجل التحرير، ولا بالدفاع عن النفس في وجه عدوان اسرائيلي على المخيمات؟ ولا يخفى على احد ان الاسلوب الذي اتبعه بعض المنظمات التابعة للنظام السوري في مخاطبة رئيس حكومة لبنان يجب ان يختفي والا يتكرر. أما تناول قضية السلاح من زاوية القرار 1559، فننصح ان يستبدل بطرح السؤال الجوهري: ماذا يريد اللبنانيون على ارضهم وفي بلدهم؟ على هذه القاعدة ينطلق حوار ضروري يتذكر فيه اللبناني واجباته الانسانية والسياسية حيال اخوته الفلسطينيين، وفي المقابل يُبقي الاخوة الفلسطينيون (وتحديداً منظمات النظام السوري) في عقولهم هوية صاحب الارض التي يحلون فيها ضيوفاً اعزاء، إن لم يكن اكثر.

مصادر
النهار (لبنان)