بالأمس جدد الرئيس الأميركي جورج بوش التزامه سياسة حافة الحرب التي يعتمدها مع سوريا وايران‚ ولعله دفع بها الى مستوى جديد عندما قال ان البلدين لا يستحقان الصبر‚ ليست المرة الاولى التي تقرع فيها اميركا الطبول في المنطقة على الإيقاع العراقي المضطرب‚ ولن تكون الاخيرة.

يعترف الخبراء وصناع الرأي في اميركا ان اقل من عشرة في المائة من مشكلات الاحتلال الاميركي في العراق تأتي من الخارج‚ ويجزمون بأن هذه النسبة موزعة بالتساوي بين سوريا وايران والسعودية والكويت والاردن وحتى تركيا‚ وهي البلدان التي لا يزال يتسلل منها بصعوبة شديدة نفر قليل من المقاتلين العرب الى الجبهات العراقية‚ التي لا تفتقر ولا تحتاج الى محاربين او حتى انتحاريين‚ منذ الايام الاولى للمقاومة العراقية‚ ركزت ادارة بوش على تورط سوريا واستثنت بقية الدول الخمس المحيطة بالعراق التي لم تغلق حدودها تماما‚ كما انها استدعت ايران ضمنا الى التدخل في الشؤون الداخلية العراقية والمساهمة في توفير بعض الاحتياجات المعيشية في ا لجنوب العراقي وفي تهدئة بعض الخواطر السياسية التي تراود حلفاءها العراقيين.

لم يحدث تغيير جوهري في سلوك سوريا العراقي في الآونة الاخيرة‚ بل ان الاميركيين انفسهم باتوا يقرون ضمنا انها بذلت جهودا حثيثة وانفقت اموالا طائلة لمنع التسلل عبر حدودها ‚ كما لم يحدث في المقابل اي تراجع ايراني عن الدور الذي التزمت به طهران بدقة في العراق‚ ولم تغامر في انتهاكه الا في حالات نادرة جدا على مدى السنوات الثلاث الماضية.

لكن انذار بوش لا يبدو خارج السياق‚ هو ليس مبنيا على معطيات ودلائل جد يدة بان سوريا وايران تشاركان او تساعدان بشكل مباشر او غير مباشر في العمليات العسكرية ضد الاحتلال الاميركي للعراق‚ لكنه قائم على توتر اميركي متزايد مع اقتراب موعد عدد من الاختبارات السياسية الحرجة: تعثر الاستفتاء المقرر الاسبوع المقبل على الدستورالجديد يمكن ان يعطل الانتخابات المقررة بعد شهرين‚ ويمكن ان يهز صورة اميركا ونفوذها ومكانتها العالمية.

يشن بوش كما يبدو هجوما استباقيا على سوريا وايران‚ هدفه الوحيد تحذيرهما من استغلال ذلك الظرف الدقيق الذي يواجه الجدول الاميركي في العراق‚ هو دليل ضعف اميركي اكيد‚ لكنها ليست علامة قوة سورية او ايرانية مؤكدة‚ لان الانهيار العراقي الذي كان ولايزال يعتمد اساسا على عناصر ومكونات داخلية‚ لم يعد يفسح المجال لاي طرف خارجي ان يتدخل دون ان يغرق في الرمال المتحركة العراقية.

مصادر
الوطن (قطر)