انعكست العلاقات السياسية المتوترة بين لبنان وسورية توترا اكبر على النواحي الاقتصادية بعد ان كان البلدان شبه اقتصاد مندمج يعيش كلاهما على الاخر في عدد من المجالات ولاسيما الزراعية والصناعية .

وبسبب الحواحزالكثيرة على الحدود والعراقيل التي يضعها الجانبان امام بعضهم البعض لم تعد السلع تنساب بربع ماكانت عليه الامور في السابق فضلا عن تغير مزاج المستهلكين فالسوري لم يعد يطيق شراء المنتوجات اللبنانية لدرجة ان صاحب احد المطاعم التي تناولنا فيها طعام الافطار يوم امس اكد لي بان احد الزبائن رفض وضع علبة مياه معدنية مصدرها لبنان على طاولته مطالبا بوضع عبوة مياه وطنية ".

ولئن كانت مثل هذه الحالات فردية فانها تعطي مؤشرا عن مدى التدهور الذي اصاب عملية التواصل بين الشعبين وبالتالي ضعف التواصل الاقتصادي بين البلدين .

وتشير المعطيات الاولية الى ان الاقتصاد اللبناني سيكون من اكبر المتضررين من هذا الخصام اذا مااخذنا بالاعتبار ان "47"بالمائة من الاقتصاد اللبناني يمر عبر سورية اما نقلا او تصريفا للانتاج وهو الامر الذي بدأ يلقي بظلاله على العائلات والاشخاص الذين كانوا يعتاشون من التجارة بين سوريةولبنان ".

واذا ماقررت دمشق وقف تزويد لبنان بالكهرباء وبعض المشتقات النفطية فان الوضع سيسوء اكثر وستتحول علاقات التوتر الى قطيعة وربما اسوء .

وبالمقابل فان اللبنانيين قلما يعبرون الحدود باتجاه اسواق دمشق حيث كانوا يمرون بالالاف يوميا للاستفادة من فارق العملة والاسعار الارخص بشكل لايقارن مع لبنان ".

ولكن الشيء الوحيد الذي لم تخف التجارة فيه بين سورية ولبنان وهو التهريب وعلى الاخص تهريب المشتقات النفطية من سورية الى لبنان حيث الفارق الفلكي بين الاسعار والذي يتجاوز اربعة اضعاف في لبنان عنه في سورية ".

ويقوم بعمليات التهريب مهربون محترفون يعملون لحساب اما متنفذين او حتى مسؤولين وذلك عبر عشرات المعابر الحدودية غير النظامية بين لبنان وسورية وهي معابر من الصعوبة بمكان مراقبتها بالنظر الى التداخل الجغرافي والعائلي على طرفي الحدود وهو الامر الذي مكن المهربين من ابداع طرق للتهريب لايمكن ان تخطر على بال مثل الخزانات السرية في السيارات مرورا بالانابيب العابرة للحدود وانتهاء بعمليات التهريب المحمية باليات فساد تحاول الحكومة السورية واللبنانية القضاء عليها ولكن دون نتائج تذكر حتى الان .

ويامل المسؤولون السوريون ان تخف عمليات التهريب بعد تطبيق خطة الرفع التدريجي للدعم الحكومي عن اسعار المشتقات النفطية وهي خطة طويلة الامد على مدى خمس سنوات تنتهي ببيع المشتقات النفطية كما في الاسواق العالمية مع وضع خطة موازية تكفل حصول الفقراء على دعم حكومي محدد .

وهناك ضرر اخر لحق بالمصارف اللبنانية بعد موجة سحوبات لودائع سورية من لبنان وهي حركة يشاع انها تسير مسرعة لدرجة يتوقع ان لايبقى في لبنان بحلول نهاية العام اكثر من مليار دولار من الودائع السورية علما ان هذا الرقم كان اكثر من عشرة مليارات دولار قبل اكثر من عام .

ومن الصعب حتى الان حصر الخسائر في مختلف القطاعات نتيجة التوتر في العلاقات بين البلدين ولكن الثابت ان اقتصاد البلدين سيكون اكبر الخاسرين مما يجري حاليا.

مصادر
إيلاف (المملكة المتحدة)