من يوم الى يوم تتزايد الاشارات الى ان الانتخابات العامة للمجلس التشريعي الفلسطيني لن تحصل في موعدها. وتجدر الاشارة الى انه تم تحديد موعد الانتخابات نهاية كانون الثاني، اي بعد ثلاثة اشهر ونصف. والجلبة كبيرة داخل صفوف اجهزة السلطة الفلسطينية. اذا ارجئ موعد الانتخابات مجدداً (سبق ان أرجئ في تموز) فسيواصل المجلس الحالي أداء مهامه رغم انه انتخب قبل نحو عشر سنوات وهو لا يعبر عن التغييرات السياسية الكبيرة التي حصلت منذ ذلك الحين. مغزى هذا الامر حصول تدهور اضافي في أداء السلطة وتراجع فرص استئناف العملية السياسية. ومن شأن البديل، اي اجراء الانتخابات في موعدها، ان يكون أسوأ لان ثمة احتمالات جيدة لفوز تحققه حماس.
تحول الخطاب السياسي الفلسطيني الى خطاب عنيف بشكل خاص خلال الايام الاخيرة. ومع ان الامر لم يتحول الى حرب اهلية حتى الان، الا ان كلا الطرفين ـ اي، السلطة (وفي اساسها حركة فتح باعتبارها حزب السلطة) وحركة حماس ـ فاقما من الصراع بينهما على الصعيد الكلامي وعلى صعيد الافعال. وعلى الرغم من اعلان وقف العنف يمكن الافتراض ان الاحداث ستستمر.

بلغت هذه الاحداث ذروتها في غزة نهاية الاسبوع الماضي عندما اختطف اعضاء من حماس سامي عاجور، نائب قائد المخابرات العامة، وأطلقوا النار على رجليه ورموه في الشارع. ورداً على ذلك اختطف رجال المخابرات العامة (الذين تستروا تحت اسم "كتائب الفاروق عمر بن الخطاب") في الضفة الغربية الدكتور رياض عبد الكريم، رئيس قسم الهندسة في كلية النجاح. فقد اقتحموا منزله في طولكرم وهم يطلقون النار ثم ارغموه على المجيء معهم. كما اختطف بالأسلوب ذاته وفي اليوم ذاته حسن صافي، عضو مجلس بلدية بيت لحم، ورجل الدين عبد الناصر ابو خميس من جنين. كما جرت محاولة لاختطاف احد سكان الخليل ايضا. وهؤلاء الأربعة معروفون كأعضاء في حماس. وقد احتجز الخاطفون المخطوفين لعدة ساعات قبل ان يفرجوا عنهم. وفي رسالة بعثوها الى وسائل الاعلام اعلن الخاطفون ان ما جرى يعتبر تحذيراً لحماس التي يمس رجالها بسلطة القانون ويلحقون الضرر بالمصلحة الوطنية الفلسطينية.

عمليات الاختطاف هذه اتت استمراراً لتبادل النار الذي حصل الاسبوع الماضي بين حماس ورجال شرطة فلسطينيين في معسكر الشاطئ في غزة، والان يستخدم قادة الطرفين الكلمات اللاذعة مثل "عديمي المسؤولية" وكل طرف يتهم الاخر بأنه يخدم المصالح الاسرائيلية . يبدو ان ثمة نية لدى السلطات الفلسطينية لتصعيد الصراع مع حماس. فكبار مسؤولي السلطة يسعون لبسط القانون والنظام في غزة. كل العالم يطلب هذا الامر منهم. اضف الى ذلك، ثمة خشية كبيرة داخل فتح من مغبة فوز رجال حماس في الانتخابات التشريعية. وقد برزت مؤشرات عديدة على هذا الاحتمال مثل نتائج انتخابات المجالس المحلية في الضفة.

اسرائيل والولايات المتحدة تضغطان على محمود عباس لعدم السماح لحماس بالمشاركة في الانتخابات. كما ان مصر تخشى ايضا من انتصار حماس، والطريق الأسهل للحيلولة دون مثل هذا الفوز هو ارجاء الانتخابات. لكن عباس ورجاله لا يتحدثون علانية عن هذا الامر لانه ليس مناسبا الظهور بصورة من يريد منع حصول خطوة ديموقراطية مهمة.

على هذه الخلفية، فان اقل ما تستطيع حكومة اسرائيل القيام به هو مضاعفة التعاون مع عباس وسلطته. لا جديد في ذلك، فهو انتخب لأربع سنوات، لديه الصلاحية والقوة، ونجاحه مرتبط كثيراً باستجابة اسرائيل لمطالبه، في نهاية الامر فان مشكلة حماس هي مشكلة اسرائيل بما لا يقل عن كونها مشكلة أبو مازن.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)