لا ادري أين قرأت مرة ( عندما لا نستطيع ان نغير الأشياء، نقوم بتغيير الكلمات ) ربما كانت لفوكو الأوربي الفرنسي سابقا، أو لأبو الهلولع الدمشقي أو لوول سوينكا الإفريقي … لا يهم ما دامت هذه الجملة تعطينا سبب ما للتفكير، ولكنها قادتني حالا للتفكير في حالنا الجمعية التي تطفو بين الحين والآخر متذكرا إنني كائن اجتماعي، حتى وأنا مقصور على العيش في هذا الظرف الرجراج الذي ينوس بين الأزمنة، لا يعرف مستقرا، ولا تتضح أمامه رؤيا.

ومشكلة التغيير في حالنا انها متوقفة على ما قاله ( محرر العرب ) الملك فيصل الأول ليس بالإمكان أفضل مما كان، ولا أدري إذا قالها عن براءة أم عن إطلاع مستبعدا مفهوم المعرفة الذي كان وما زال مرذولا رجيما. ربما وقتها لم يكن قد كان إلا سايكس بيكو، ووعد بلفور، واتفاق فيصل وايزمن الذي لم يشتهر كما اشتهر السادة سايكس وبيكو وبلفور، كما لم يشتهر بعده إلا أنور السادات الذي دفع غاليا ثمن هذه الشهرة على الرغم ان ثلاثة أرباع اتفاقاته سرية، المهم ان احد لم ينجح في تغيير شيء والأسوأ انه لم يستطع احد تغيير الكلمات، في حال افترضنا ان التغيير عقلانيا هو إلى الأفضل، وهنا الطامة الكبرى فإذا لم يستطع احد تغيير الأشياء نقول أمرنا لله عسى للكلمات من طريق تفتحه على بوابة الأمل، ولكن لا تغيير في الأشياء والكلمات معا فهذا دخول في التفاهة الوقحة، ولكن ماذا لو كان التغير في الكلمات والى الأسوأ، نصبح وعل غرار الإعلانات التجارية تلاته بواحد، لتبدو النية في التغيير نفسها محل شك، ناهيك عن نوع التغيير، إلى الأمام أم إلى الوراء إلى الأحسن أم إلى الأسوأ، إلى المستقبل أم إلى الماضي، وناهيك عن تراتبية التغيير وأدواته وإيقاعه وموارده البشرية وإمكانياته، ليصبح السؤال لماذا نتغير أو لماذا التغيير، لتغدو اللغة خشبية شئنا أم أبينا بغض النظر عن وسيلة إيصالها ( خطابات، مؤتمرات، تلفزة، صحف، إذاعات، بيانات ) ولا يفيد عندها لا محاولة مديح الخشب ولا السؤال عن نوعه ( شوح، سويد، أبنوس ) ولا الادعاء ان اللغة غير خشبية بل بلاستيكية مجاراة للعصر، فالمهم ان نعترف ان التغيير هو لب الحياة الاجتماعية … فقط في ظل شرط صغير هو ان يكون التغيير إلى الأفضل.

لا ادري كم من العبث يكتنف ما تقدم، فنحن هكذا ممتازون، وسؤال التغيير خارج دائرة الممكن الآن، لأن الممكن الآن هو اللاممكن الآن، وعلى كل الأحوال نحن نتغير دائما بدلالة نحن من اخترع التغيير منذ الأزل، ألا تلاحظون ان الطقس لدينا يتغير وكذلك الوقت والأشجار و البادية والأنهار … أم نريد تغيير الثوابت ؟؟؟