مع بدء السنة الجديدة (وفق التقويم العبري) يتضح انه وفقا للجمهور اليهودي في اسرائيل ساء وضع الدولة في السنة المنصرمة في أكثر مجالات حياة المجتمع والدولة، وبخاصة في كل ما يتعلق بالعنف والجريمة، والفجوات بين الاغنياء وبين الفقراء وأداء السلطة والجهاز السياسي، الأمران الوحيدان اللذان كان الميزان السنوي ايجابياً ازاءهما هما المكانة الدولية للدولة ووضعها الأمني.
مع مرور نحو شهر منذ انتهاء فك الارتباط، تقدر اغلبية الجمهور اليهودي في اسرائيل انه كان خطوة صحيحة سواء من الجانب الامني أو من ناحية احتمالات تقديم عملية السلام. حتى ان الاكثرية تعتقد ان تنفيذ فك الارتباط يشهد على الحصانة الداخلية للمجتمع الاسرائيلي. هذه التقديرات قد تفسر المعطى الذي بحسبه نسبة تأييد فك الارتباط اليوم أعلى مما كانت عليه خلال الفترة القريبة من انتهائه. فيما يتعلق باخلاء واسع لمستوطنات في الضفة، موقف الاكثرية هو ان خطوة كهذه يجب ان تتم كجزء من اتفاق مع الفلسطينيين، وقلة قليلة فقط مستعدة لأن تؤيد مرحلة اخرى من فك الارتباط احادي الجانب. وبالفعل، الأغلبية الحاسبة تؤيد إجراء مفاوضات مع السلطة الفلسطينية بالرغم من التقدير السائد ان احتمال الوصول الى اتفاق مع حكومة ابي مازن منخفض جدا. الفرق بين تأييد المفاوضات وبين التشكك في نتائجها يمكن تفسيره، من جملة الأسباب، بالتخوف السائد من انه من دون تقدم على الصعيد السياسي قد تندلع انتفاضة ثالثة.

على صعيد السياسة الداخلية، الرأي المهيمن هو ان فوز شارون في التصويت الذي اجري في مركز الليكود لتقديم موعد الانتخابات التمهيدية يخدم المصالح الحيوية لاسرائيل. ولكن فيما يتعلق بطريقة الانتخابات التمهيدية، يبدو ان الجمهور منقسم بين اولئك الذين يعتقدون انها تقوي الديموقراطية الاسرائيلية وأولئك الذين يقدرون انها تضعفها، مع افضلية ضئيلة للأخيرين.

هذه هي المعطيات الرئيسية لاستطلاع مقياس السلام، الذي اجري بين 28 ـ 29 ايلول 2005.

فيما يتعلق بتقديرات الجمهور اليهودي في اسرائيل لنتائج فك الارتباط من قطاع غزة بعد مرور نحو شهر على انجازه، يعتقد 56 في المائة من ناحية تأثيراته الامنية كان اجراءا صحيحاً في مقابل 36 في المائة يظنون ان تلك كانت خطوة خاطئة و8 في المائة لا يعرفون. من ناحية احتمالات تقدم عملية السلام ايضا مع الفلسطينيين فان نسبة الذين يعتقدون ان تلك كانت خطوة صحيحة (54 في المائة) اعلى من نسبة الذين يعتقدون انها كانت خطوة خاطئة (38 في المائة)، في حين ان الباقين لا يعرفون، وبالنسبة للتغييرات التي طرأت في السنة الماضية فيما يتعلق باحتمالات انهاء النزاع وجد ان كثيرين يرون الوضع قد ساء ولم يتحسن.

التناقض الظاهري بين الاجابات على السؤالين يمكن تسويته في انه من وجهة نظر الجمهور، كانت خطة فك الارتباط خطوة في الاتجاه الصحيح لتقدم المسيرة السلمية، لكن وزن هذه الخطوة بالقياس الى احتمال انهاء النزاع غير كاف كما يبدو. وان قلة فقط (35 في المائة) ممن يعتقدون ان فك الارتباط كان خطوة صحيحة من ناحية احتمال تقدم السلام يقدرون ان احتمال انهاء النزاع اصبح افضل في السنة الماضية، يزاد على ذلك، ان اكثر من ثلثي الجمهور اليهودي يعتقدون اليوم ان احتمال الوصول الى اتفاق دائم مع حكومة ابو مازن هو منخفض كثيرا او منخفض جداً.

جانب ايجابي آخر من لفك الارتباط تم التعبير عنه بالتقديرات التي حصل عليها فيما يتصل بمعناه من ناحية الحصانة الداخلية للمجتمع الاسرائيلي. فـ 54 في المائة يعتقدون ان تنفيذ فك الارتباط اثبت ان للمجتمع الاسرائيلي منعة داخلية مرتفعة كثيرا جدا او مرتفعة جدا. بالقياس الى 28 في المائة يعتقدون ان العكس هو الصحيح. ومع ذلك، فمن الجدير الاشارة الى النسبة المرتفعة نسبا (18 في المائة) لأولئك الذين لا يعرفون فيما يتعلق بهذا السؤال. على اي حال، على خلفية توجه التقدير على نحو ايجابي لتأثيرات فك الارتباط ومعانيه من ناحية المنعة الوطنية يمكن ان نبين كما يبدو الارتفاع الذي طرأ على نسبة مؤيديه بالقياس الى الوضع الذي ساد قريبا من انقضائه، وهكذا، بحسب مقياس السلام لأواخر شهر آب، كانت نسب المؤيدين للانفصال ومعارضيه 52.5 في المائة، 41.3 في المائة على الترتيب، في حين ان النسب الموازية اليوم هي 59.4 في المائة و33.3 في المائة.

ولكن بالرغم من ان الاكثرية تؤيد فك الارتباط، فان قلة قليلة نسبياً فقط 19 في المائة ـ تستعد اليوم للاعتقاد ان اجراءا احادي الجانب على هذه الطريقة سيغير الوضع عندما يتعلق الامر باخلاء واسع لمستوطنات في الضفة، في حين ان الاكثرية تخالف اولئك الذين يؤيدون الاخلاء فقط اذا ما اجري في اطار اتفاق سلام مع الفلسطينيين (31 في المائة) لا يعرفون، على اي حال، من ضم مؤيدي الاخلاء ايضا على نحو احادي الجانب الى اولئك الذين يؤيدونه في اطار اتفاق فقط يظهر ان مقدار التأييد المبدئي لاخلاء واسع لمستوطنات في الضفة يصل اليوم الى 57 في المائة من جملة الجمهور اليهودي. هذا الموقف يلائم التأييد الواسع (نحو 70 في المائة) لاجراء مفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وذلك بالرغم من ان اكثرية مماثلة (نحو 68 في المائة) تقدر، ان هناك احتمالا ضئيلاً للوصول الى اتفاق دائم مع حكومة ابي مازن، اي، في اوساط المتشككين ايضا هناك كثيرون يعتقدون انه يحتاج الى المحاولة فقط، اضافة إلى انه بحسب رأي الاكثرية (55 في المائة) اذا لم يكن هنالك تقدم على الصعيد السياسي فقد تندلع انتفاضة ثالثة (30 في المائة لا يعتقدون ذلك، 10 في المائة لا يعرفون).

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)