استبعد خبراء عرب وأجانب أن يخفف انتحار وزير الداخلية السوري غازي كنعان من الضغوط الأميركية على سوريا أو ينهي تحقيقات الأمم المتحدة بشأن تورط دمشق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وكانت جنازة الوزير «63 عاما» الذي شغل منصب رئيس جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان منذ عام 1982 بسيطة بعد يوم من إعلان مسؤولين أنه انتحر.

ويرى محللون أن أي محاولة لاستخدام كنعان ككبش فداء فيما يتعلق بالتفجير الذي أودى بحياة الحريري في بيروت قبل ثمانية أشهر قد يخفف من الضغط مؤقتا على حكومة بشار الأسد المعزولة. جاءت وفاة كنعان بعد ثلاثة أسابيع من استجواب محققين تابعين للأمم المتحدة له في إطار التحقيق في اغتيال الحريري. وتوقع دبلوماسيون ومصادر سياسية لبنانية أن يذكر رئيس فريق التحقيق ديتليف ميليس أسماء مسؤولين سوريين في تقريره بشأن القضية والذي سيرفعه إلى الأمم المتحدة يوم 21 أكتوبر .

وقال صحافي لبناني يعيش في لندن جهاد الخازن الذي أجرى مقابلة مع الأسد في الآونة الأخيرة انه حتى لو أن سوريا بريئة تماما من التورط في مقتل الحريري فان الأميركيين والفرنسيين سيستغلون تحقيق الامم المتحدة لابقاء الضغط السياسي على دمشق.

وكان الأسد نفى خلال مقابلة مع شبكة «سي.ان.ان» الإخبارية الأميركية تورط سوريا في مقتل الحريري مضيفا أنه لا يمكن أن يكون قد أمر بشيء مثل هذا. ولكنه أضاف أنه في حال خلص تحقيق الأمم المتحدة إلى تورط سوريين فانهم سيعتبرون «خونة» سيواجهون المحكمة الدولية أو النظام القضائي السوري. وتبقى وفاة كنعان حتى الآن لغزا. وفي مكالمة لإذاعة صوت لبنان نفى كنعان تقارير بأنه أقر خلال إفادته لفريق الأمم المتحدة بالفساد المالي.

وقال كنعان ان هذا سيكون آخر تصريح يدلي به مخلفا وراءه علامة استفهام بشأن ما إذا كان يتحدث في سياق قضية الحريري أو يشير إلى انتحاره.وبعدها بساعات أعلن مسؤولون سوريون العثور عليه ميتا في مكتبه حاملا مسدسا في يده فيما امتلأ فمه بالدم.

وقال الخازن الذي كان تربطه علاقات شخصية بكنعان ان الرجل شعر بالضيق بسبب الانتقادات التي وجهت له فيما يتعلق بتعامله مع لبنان وأنه شعر بأن عالمه ينهار ولكنه أضاف أن كنعان ليس من النمط الانتحاري.وأضاف أن كنعان كان رجلا قويا في النظام السوري وتجمعه بالحريري علاقات ودية لذا فانه لا دخل له باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل. ولكنه أشار إلى احتمال استغلال كنعان ككبش فداء.

ويرى فولكر بيرثس وهو خبير ألماني في الشؤون السورية أن موت كنعان له صلة فيما يبدو باغتيال الحريري. وقال «لا اعرف اذا كان ضحى بنفسه بإرادته أم لا ولكن هذا قد يمنح الأسد فرصة لدرء المسؤولية عن نفسه وأقاربه». ويشغل عاصف شوكت صهر الأسد منصب رئيس شعبة الأمن. أما ماهر الأسد شقيق الرئيس فيقود كتيبة الحرس الجمهوري. وجميعهم مثل كنعان من الأقلية العلوية التي تهيمن على مستويات مختلفة من السلطة في دمشق.

وقالت ريم علاف من المعهد الملكي البريطاني لدراسات الشرق الأوسط في لندن «أعتقد أن النظام السوري يشعر بأنه أقوى بعد وفاة كنعان» مضيفة أن الأسد يبدو واثقا من أن ميليس لن يوجه له اتهامات.ولكن بيرثس دفع بأن وفاة شخصية مهمة مثل كنعان ستزيد من حالة القلق بشأن المستقبل داخل سوريا.

وقال «أوضح «انتحار كنعان» للسوريين ضلوع النظام في اغتيال الحريري. وهم يعرفون أيضا أن لا أحد يستطيع فعل ذلك دون معرفة أشخاص مقربين من الرئيس». وتوقع بيرثس الذي يشغل منصب مدير المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية أن تستمر عملية «التفكيك الذاتي التدريجي» للنظام السوري الحاكم دونما إبطاء. وتابع «خسر الأسد السعوديين والمصريين إلى جانب الفرنسيين.

قد يقدم له العرب دعما شفويا ولكنهم لن يتضامنوا معه فعليا ما لم يغير مساره بشكل حقيقي».وتصر الولايات المتحدة على أنها تريد «تغيير السلوك» لا تغيير النظام في دمشق ولكن مطالبها لن تقتصر فقط على إقصاء بعض «العناصر المارقة» بل ستشمل أيضا التخلي عن سياسات جذرية في مبادئ سوريا العربية القومية.

وقالت علاف «ربما سيعرض السوريون المساعدة على الجبهة العراقية وفي لبنان ولكن الأميركيين سيضغطون بشكل اكبر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومرتفعات الجولان «التي تحتلها إسرائيل». ولكن السوريين لن يقبلوا بأي تنازلات بشأن الجولان».

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)